للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صرَّح بعض أئمة الشافعية بأن مذهبه (١) أن الصلاة الوسطى صلاة العصر، وأن وقت المغرب يمتد إلى [مغيب] (٢) الشفق، وأن [من] (٣) مات وعليه صيام صام عنه وليه، وأن أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء، وهذا بخلاف الفطر بالحجامة وصلاة المأموم قاعدًا إذا صلى إمامه كذلك، فإن الحديث، وإن صح في ذلك فليس بمذهبه (٤)، فإن الشافعي قد رواه (٥) وعرف صحته، ولكن خالفه لاعتقاده نسخه، وهذا شيء وذاك شيء، ففي هذا القسم يقع النظر في النسخ وعدمه وفي الأول يقع النظر في صحة الحديث وثقة السند فاعرفه.

[[هل تجوز الفتيا لمن عنده كتب الحديث؟]]

الفائدة الثامنة والأربعون: إذا كان عند الرجل "الصَّحيحان" أو أحدهما أو كتاب من سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- موثوق بما فيه، فهل له أن يفتي بما يجده فيه؟

فقالت طائفة من المتأخرين: ليس له ذلك؛ لأنه قد يكون منسوخًا أو له مُعارِض أو يفهم من دلالته خلاف ما يدل عليه أو يكون أمر ندب فيفهم منه الإيجاب أو يكون عامًا له مخصِّص أو مطلقًا له مقيِّد، فلا يجوز له العمل، ولا الفتيا [به] (٣) حتى يسأل أهل الفقه [والفتيا] (٦).

وقالت طائفة: بل له أن يعمل به ويفتي به، بل يتعيَّن عليه، كما كان الصحابة يفعلون إذا بلغهم الحديث عن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وحدَّث به بعضهم بعضًا بادروا إلى العمل به من غير توقّف، ولا بحث عن معارض، ولا يقول أحد منهم قط: هل عمل بهذا فلان وفلان؟! ولو رأوا من يقول ذلك لأنكروا عليه أشد الإنكار، وكذلك التابعون، وهذا معلوم بالضرورة لمن له أدنى خبرة بحال القوم وسيرتهم وطول العهد بالسنة وبُعد الزمان وعتقها لا يسوغ ترك الأخذ بها (٧) [والعمل بغيرها] (٨) ولو كانت سنن (٩) رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا يسوغ العمل بها بعد


(١) في (ق): "وقد صح عن بعض أئمة الشافعية أن مذهبه". قلت: كأن المصنف يريد ابن خزيمة.
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ق).
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٤) في (ك): "فليس بمذهب له".
(٥) في (ت) و (ك): "فإنه رواه"، وفي (ق): "فإنه قد رواه".
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٧) في (ت): "الأخذ بعينها".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ت).
(٩) في (ت): "سنة".

<<  <  ج: ص:  >  >>