للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا كان الدين في ذمة المسلّم إليه فاشترى به شيئًا في ذمته فقد سقط الدين من ذمته وخلفه دين آخر واجب فهذا من باب بيع الساقط بالواجب، فيجوز كما يجوز بيع الساقط بالساقط في باب المُقَاصَّة، فإن بَنَى المستأجر أو أنفق على الدابة وقال: أنفقت كذا وكذا، وأنكر المؤجِّر، فالقول قول المؤجر؛ لأن المستأجر يدعي براءة نفسه من الحق الثابت عليه، والقول قول المنكر (١).

[هل ينفع إشهاد رَبِّ الدار على نفسه أنه مصدق]

فإن قيل: فهل ينفعه إشْهَادُ ربِّ الدار (٢) أو الدابة على نفسه أنه مُصَدَّق فيما يدعي إنفاقه؟

قيل: لا ينفعه ذلك، وليس بشيء، ولا يُصَدَّق أنه أنفق شيئًا إلا ببينة؛ لأن مقتضى العقد ألا يقبل قوله في الإنفاق، ولكن ينتفع بعد الإنفاق بإشهاد المؤجر أنه صادق فيما يدعي أنه أنفقه، والفرق بين الموضعين أنه بعد الإنفاق مُدَّعٍ، فإذا صدقه المدَّعى عليه نفعه ذلك، وقبل الإنفاق ليس مدعيًا، فلا ينفعه (٣) شهاد المؤجر بتصديقه فيما سوف يدعيه في المستقبل؛ فهذا شيء وذاك شيء آخر.

[الحيلة على أن يصدق المؤجِّر المستأجر]

فإن قيل: فما الحيلة على أن يصدق المؤجر (٤) المستأجر فيما يدعيه من النفقة؟

قيل: الحيلة أن يُسْلِف المستأجر رب الدار أو الحيوان من الأجرة ما يعلم أنه بقدر الحاجة (٥)، ويشهد عليه بقبضه، ثم يدفع رب الدار إلى المستأجر ذلك الذي قبضه منه، ويوكّله في الإنفاق على داره أو دابته، فيصير أمينه فيصدَّق على ما يدَّعيه إذا كان ذلك نفقة مثله عرفًا، فإن خرج عن العادة لم يصدق به، وهذه حيلة لا يدفع بها حقًا، ولا يتوصل بها لمحرَّم (٦)، ولا يقيم بها باطلًا.


(١) فصل الدكتور نزيه حماد أحكام بيع الكالئ بالكالئ في كتابه: "دراسات في أصول المداينات" (ص ٢٤٦ - ٢٤٧)، انظره فإنه مفيد.
(٢) في (ن) و (ق): "رب المال".
(٣) في المطبوع: "لا ينفعه"، وفي (ك): "ولا ينفعه".
(٤) سقط من (ك) و (ق).
(٥) في (ن) و (ك): "بقدر حاجته".
(٦) في (ق) و (ك): "إلى محرم".

<<  <  ج: ص:  >  >>