للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن لم يقفه (١) وأضعاف أضعاف ذلك مما اختلف فيه أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢)؛ فإن سَوَّغتم هذا فلا تحتجوا لقول على قولٍ ومذهب على مذهب، بل اجعلوا الرجل مخيرًا في الأخذ بأي قولٍ شاء من أقوالهم، ولا تنكروا على من خالف مذهبكم (٣) واتبع قول أحدهم، وإن لم تسوِّغوه فأنتم أول مبطل لهذا الحديث، ومخالف له، وقائل بضد مقتضاه، وهذا مما لا انفكاكَ لكم منه.

الرابع: أن الاقتداء بهم هو اتباعُ القرآن والسنة، والقبول من كل من دعا إليهما؛ فإن الاقتداء بهم يُحرِّم عليكم التقليد، ويوجب الاستدلال وتحكيم الدليل، كما كان عليه القومُ -رضي اللَّه عنهم-، وحينئذ فالحديث من أقوى الحجج عليكم، وباللَّه التوفيق.

[[الصحابة هم الذين أمرنا بالاستنان بهم]]

الوجه السادس والأربعون: قولكم: قال عبد اللَّه بن مسعود: من كان منكم مُستنًا فليستن بمن قد مات، أولئك أصحاب محمد (٤). فهذا من أكبر الحجج عليكم من وجوه؛ فإنه نَهى عن الاستنان بالأحياء، وأنتم تقلِّدون الأحياء


(١) يروى هذا عن ابن مسعود وغيره، رواه عبد الرزاق (١١٦٤٠، ١١٦٤١، ١١٦٤٥)، وسعيد بن منصور (١٨٨٤)، وانظر: "الجوهر النقي" (٧/ ٣٧٨). وأخرج عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٤٤٧ / رقم ١١٦٠٨)، وسعيد بن منصور في "السنن" (٣/ ٢/ ٢٦/ رقم ١٨٨٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٨٠)، وابن حزم في "المحلى" (١٠/ ٤٣) عنه قوله: "الإيلاء هو أن يحلف على أن لا يأتي امرأته أبدًا".
وحكاه عنه الشاشي في "حلية العلماء" (٧/ ١٤٠)، وابن قدامة في "المغني" (٧/ ٢٩٨، ٣١٠)، والقرطبي في "تفسيره" (٣/ ١٠٤)، وعبد الوهاب في "الإشراف" (٣/ ٤٦٣ بتحقيقي). والمروي الثابت عنه ما أخرجه سعيد بن منصور في "السنن" (٣/ ٢٧/٢/ رقم ١٨٨٤)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٨٠، ٣٨١)، وأبو يوسف في "الآثار" (رقم ٦٨٦) عنه؛ قال: "كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك، فوقَّت اللَّه عز وجل لهم أربعة أشهر، فمن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر؛ فليس إيلاء". ونحوه عند عبد الرزاق في "المصنف" (٦/ ٤٤٦، ٥٠٩).
وانظر: "أحكام القرآن" (١/ ٣٥٥، ٣٥٧)، للجصاص، "المحلى" (١٠/ ٤٣)، "موسوعة فقه ابن عباس" (١/ ٢١٦ - ٢١٧).
(٢) قارن بـ"الإحكام" لابن حزم (٦/ ٦٢، ٨٣ - ٨٤).
(٣) في (ك) و (ق): "مذاهبكم".
(٤) هو بهذا اللفظ: رواه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٣٠٥ - ٣٠٦) من طريق عمر بن نبهان عن الحسن البصري عن ابن عمر. =

<<  <  ج: ص:  >  >>