للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[صيغ العقود إنشاءات وإخبارات]]

يوضح ذلك أن صيغ العقود قد قيل هي إنشاءاتٌ وقيل إخباراتٌ؛ والتحقيق أنها متضمنة للأمرين؛ فهي إخبار عن المعاني التي في القلب، وقصد تلك المعاني إنشاء؛ فاللفظ خبر والمعنى إنشاء (١)، فإذا أخبر أن هذا وقف عليه وهو يعلم أن غيره لم يقفه (٢) عليه وإنما مقصوده أن يصير وقفًا بهذا الإخبار فقد اجتمع لفظ الإخبار وإرادة الإنشاء، فلو كان أخبر عن هذه الإرادة لم يكن هناك ريب أنه أنشأ الوقف، لكن لما كان لفظه إخبارًا عن غير ما عَنَاه، والذي عَنَاه لم ينشئ له لفظًا صارت المسألة محتملة، ونشات الشبهة؛ ولكن هذه النية مع هذا اللفظ الصالح [يقوم مقام التكلم باللفظ الذي ينشأ به الوقف] (٣)، للكناية مع الفعل الدال على الوقف واللَّه أعلم.

[[بيع الشيء مع استثناء منفعته مدة]]

المثال الثامن (٤) والأربعون: لو باع غيره دارًا أو عبدًا أو سلعة؛ واستثنى منفعة المبيع مدة معلومة جاز كما دلّتْ عليه النصوصُ والآثار والمصلحة والقياس الصحيح؛ فإن خاف أن يرفعه إلى حاكم يرى بطلان هذا الشرط فيبطله عليه، فالحيلة في تخليصه (٥) من ذلك أن يُوَاطئه قبل البيع على أن يؤجره إياه تلك المدة بمبلغ معين، ويقر بقبض الأجرة، ثم يبيعه إياه، ثم يستأجره كما اتفقا عليه، ويقر له بقبض الأجرة، وهذه حيلة صحيحة جائزة لا تتضمن تحليل حرام ولا تحريم حلال.

[[حيلة في إسقاط نفقة المطلقة البائنة]]

المثال التاسع (٦) والأربعون: المطلقة البائنة لا نَفَقَةَ لها ولا سكنى بسنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- الصحيحة الصريحة التي لا معارض لها (٧)، بل هي موافقة


(١) انظر: "الفروق" (١/ ١٨، ٦١ - دار المعرفة) للإمام القرافي -رحمه اللَّه-.
(٢) في (ك): "يعقد".
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق)، والمثبت من (ك) وفي سائر الأصول: "الصالح للكناية مع الفعل الدال على الوقف" وبعده فيها ما بين المعقوفتين.
(٤) في (ك) و (ق): "السادس".
(٥) في (ن) و (ق): "تخلصه".
(٦) في (ك) و (ق): "السابع".
(٧) هو في حديث فاطمة بنت قيس -رضي اللَّه عنهما-، وقد تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>