للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزور؛ فلا يوثق (١) بعد ذلك بشهادته، أو من جُلد في حد؛ لأنَّ اللَّه سبحانه نهى عن قبول شهادته، أو متَّهم بأن يجر إلى نفسه نفعًا من المشهود له، كشهادة السيد لعتيقه بمال أو شهادة العتيق لسيده إذا كان في عياله أو منقطعًا إليه يناله نَفْعُه، وكذلك شهادة القريب لقريبه لا تُقْبل مع التُّهْمة، وتقبل بدونها، وهذا هو الصحيح.

[[شهادة القريب لقريبه أو عليه]]

وقد اختلف الفقهاء في ذلك: فمنهم من جوَّز شهادة القريب لقريبه مطلقًا كالأجنبي، ولم يجعل القرابة مانعة من الشهادة بحال، كما يقوله أبو محمد بن حزم وغيره من أهل الظاهر (٢)، وهؤلاء (٣) يحتجُّون بالعمومات التي لا تُفرِّق بين أجنبي وقريب، وهؤلاء أسعد بالعمومات.

[[منع شهادة الأصول للفروع والعكس ودليله]]

ومنعت طائفة شهادة الأصول للفروع والفروع للأصول خاصة، وجَوَّزت شهادة سائر الأقارب بعضهم لبعض، وهذا مذهب الشافعي (٤) وأحمد (٥)، وليس مع هؤلاء نص صريح صحيح بالمنع.

واحتج الشافعي بأنه لو قبلت شهادة الأب لابنه لكانت [شهادة منه] (٦) لنفسه لأنه منه؛ وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنما فاطمة بضعة مِنّي يُريبني ما رَابَها، ويُؤذيني ما آذاها" (٧) قالوا: وكذلك بنو البنات، فقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الحسن: "إن ابني هذا


(١) في (ك): "يؤمن".
(٢) انظر "المحلى" (٩/ ٤١٢) لابن حزم -رحمه اللَّه-.
وهذا مذهب داود وأبي ثور والمزني، قاله الشاشي في "حلية العلماء" (٨/ ٢٥٨) وانظر: "فقه الإمام أبي ثور" (٧٦٠)، "أدب القاضي" (١/ ٣٠٩) لابن القاص، "الإشراف" (٥/ ٧٠ - بتحقيقي) للقاضي عبد الوهاب.
(٣) في (ق): "وهم".
(٤) "الأم" (٧/ ٤٢)، "روضة الطالبين" (١١/ ٢٣٦)، "مغني المحتاج" (٤/ ٤٣٤)، "نهاية المحتاج" (٨/ ١٣٤)، "أدب القاضي" (١/ ٣٠٩) لابن القاص، "حلية العلماء" (٨/ ٢٥٨) "المهذب" (٢/ ٣٣٠)، "الحاوي الكبير" (١٦/ ١٦٣ - ط دار الكتب العلمية)، "فتح الوهاب" (٢/ ١٢١).
(٥) "المغني" (٩/ ١٩١)، "الإنصاف" (١٢/ ٦٦)، "منتهى الإرادات" (٣/ ٥٩٦)، "كشاف القناع" (٦/ ٤٢٨)، "تنقيح التحقيق" (٣/ ٥٤٨ رقم ٨٠٤)، "الإفصاح" (٤٣٦).
(٦) بدل ما بين المعقوفتين في (ن): "شهادته".
(٧) بهذا اللفظ رواه مسلم (٢٤٤٩) في (فضائل الصحابة): باب فضائل فاطمة بنت النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من حديث المسور بن مخرمة. =

<<  <  ج: ص:  >  >>