للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه، وقد قال في رواية الميموني: إذا قال لامرأته: "أنت طالق يوم أتزوج بك إن شاء اللَّه" ثم تزوجها لم يلزمه شيء، ولو قال لأمة: "أنت حرة يوم أشتريك إن شاء اللَّه" صارت حرة، فلعل أبا حامد الإسفرائيني وغيره ممن حكى عن أحمد الفرق بين "أنت طالق إن شاء اللَّه" فلا تطلق "وأنت حرة إن شاء اللَّه" فتعتق استند [إلى] (١) هذا النص، وهذا من غلطه على أحمد، بل هذا تفريق منه بين صحة تعليق العتق على الملك وعدم صحة تعليق الطلاق على النكاح، وهذا قاعدة مذهبه، والفرق عنده أن الملك قد شرع سببًا لحصول العتق كملك ذي الرحم المحرم، [وقد يعقد البيع سببًا لحصول العتق اختيارًا كشراء من يريد عتقه في كفارة أو قربة أو فداء كشراء قريبه، ولم يشرع اللَّه النكاح سببًا لإزالته البتة، فهذا فقهه وفرقه] (١)، فقد (٢) أطلق القول بأنه لا ينفع الاستثناء في إيقاع الطلاق والعتاق (٣)، وتوقف في أكثر الروايات عنه، فتخرَّج المسألة على وجهين صرح بهما الأصحاب، وذكروا وجهًا ثالثًا، وهو: أنه إنْ قصد التعليق وجهل استحالة العلم بالمشيئة لم تطلق، وإن قصد التبرك أو التأدب (٤) طلقت، وقيل عن أحمد: يقع العتق دون الطلاق، ولا يصح هذا التفريق عنه، بل هو خطأ عليه.

قال شيخنا (٥): وقد روي في الفرق حديث موضوع على معاذ بن جبل يرفعه (٦).

[[تعليق الطلاق على فعل يقصد به الحض والمنع]]

فلو علَّق الطلاق على فعل يقصد به الحض أو المنع كقوله: "أنت طالق إن كلَّمت فلانًا إن شاء اللَّه" فروايتان منصوصتان عن الإمام أحمد.

إحداهما (٧): ينفعه الاستثناء، ولا تطلق إن كلمت فلانًا، وهو قول أبي عبيد (٨)؛ لأنه بهذا التعليق قد صار حالفًا، وصار تعليقه يمينًا باتفاق الفقهاء، فصح (٩) استثناؤه فيها لعموم النصوص المتناولة للاستثناء في الحلف واليمين.


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ك): "وقد".
(٣) في (ك): "ولا العتاق".
(٤) في (ق): "التبرك والتأدب".
(٥) في "مجموع الفتاوى" (٣٥/ ٢٨٢ - فما بعدها) بنحوه، وبعدها في (ك) و (ق): "قد" دون واو.
(٦) سيأتي لفظه وتخريجه قريبًا.
(٧) في (ق): "إحديهما".
(٨) في المطبوع: "أبي عبيدة".
(٩) في (ك): "فيصح".

<<  <  ج: ص:  >  >>