للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القياسِ والميزان الصحيح؛ لأن الولي لما لم يعدمه وأتلف عليه المهر لزمه (١) غرمه.

فإن قيل: هو الذي أتلفه على نفسه بالدخول.

قيل: لو علم أنها كذلك لم يدخل بها، وإنما دخل بها بناءً على السلامة التي غرَّه بها الولي، ولهذا لو علم العيبَ ورضي به ودخل بها لم يكن هناك فسخ ولا رجوع، ولو كانت المرأة هي التي غرَّته سقط مهرها.

ونكتة المسألة أن المغرور إما محسن، وإما معذور (٢)، وكلاهما لا سبيل عليه، بل ما يلزم المغرور (٣) باستلزامه له (٤) لا يسقط عنه كالثمن في المبيع والأجرة في عقد الإجارة.

فإن قيل: فالمهر قد التزمه، فكيف يرجع به؟

قيل: إنما التزمه في محل سليم، ولم يلتزمه في مَعِيبة ولا أمَةٍ مستحقة؛ فلا يجوز أن يُلْزَمَ به.

فإن قيل: فهذا ينتقض عليكم بالنكاح الفاسد؛ فإن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ألزمه فيه بالصداق بما استحل من فَرْجها (٥)، وهو لم يلتزمه (٦) إلا في نكاح صحيح.

قيل: لما أقدم على الباطل لم يكن هناك مَنْ غَرَّه، بل كان هو الغار لنفسه، فلا يذهب استيفاء المنفعة فيه مجانًا، وليس هناك مَنْ يرجع عليه، بل لو فسد النكاح بغرور المرأة سقط مهرها، أو بغرور الولي رجع عليه.


= والدارقطني (٣/ ٢٦٧) وابن المنذر في "الأوسط" (٣/ ق ٢٠٨/ ب)، من طريق إسماعيل بن أبي خالد، ومطرف عن الشعبي قال: قال علي: أيما رجل تزوج امرأة فوجدها مجنونة أو برصاء، فهي امرأته إن شاء طلق، وإن شاء أمسك، وان مسها فلها المهر بما استحلّ من فرجها. ورواه الشافعي في "الأم" (٧/ ١٥٨) عن سفيان عن رجل عن الشعبي به.
(١) في (د)، و (ط): "ألزمه".
(٢) في (ن): "وإما مغرور".
(٣) في (ك): "المعذور".
(٤) في (ن) و (ك): "بالتزامه له"، وسقطت "له" من (ق).
(٥) الذي وجدته في هذا صداق الملاعنة: رواه البخاري (٥٣١١) في (الطلاق): باب صداق الملاعنة، و (٥٣١٢) في باب قول الإمام للمتلاعنين: إن أحدكما كاذب، و (٥٣٤٩، ٥٣٥٠) في المهر للمدخول بها، ومسلم (١٤٩٣) (٥) في (اللعان): أو له من حديث ابن عمر.
(٦) في (ق): "يلزمه".

<<  <  ج: ص:  >  >>