للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الشورى: ٤٢] وهذا شأن الغار الظالم.

وقد قضى عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- أن المشتري المغرور بالأمة إذا وطئها ثم خرجت مستَحَقَّة، وأخذ منه سيدها المهر، رجع به على البائع لأنه غَرَّه (١).

وقضى علي رضي اللَّه عنه أنه لا يرجع به لأنه استوفى عوضه (٢).

وهاتان الروايتان عن الصحابة هما قولان للشافعي [وروايتان عن الإمام أحمد] (٣)، ومالك (٤) أخذ بقول عمر، وأبو حنيفة (٥) أخذ بقول علي رضي اللَّه عنه. وقولُ عمر أفقه لأنه لم يدخل على أنه يستمتع بالمهر، وإنما دخل على الاستمتاع بالثمن وقد بَذَله. وأيضًا فالبائع ضمن له بعقد البيع سلامَةَ الوطء كما ضمن له سلامة الولد، فكما يرجع عليه بقيمة الولد يرجع عليه بالمهر.

فإن قيل: فما تقولون في أجرة الاستخدام إذا ضمنه إياها المستحق، هل يرجع بها على الغارِّ؟

قلنا: نعم يرجع بها، وقد صرح بذلك القاضي وأصحابه، وقد قضى أمير المؤمنين [عليٌّ كرم اللَّه وجهه] (٦) أيضًا بأن الرجل إذا وجد امرأته بَرْصَاء أو عَمْيَاء أو مجنونة فدخل بها فلها الصداق، ويرجع به على مَنْ غرَّه (٧). وهذا محضُ


= من سبيل إنما السبيل} إلخ، والصواب ما أثبتناه، وقد تكرر هذا الخطأ وغيره في كل الطبعات السابقة، وآية الشورى {فَأُولَئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ (٤١) إِنَّمَا السَّبِيلُ} إلخ" اهـ.
(١) روى مالك في "الموطأ" (٢/ ٥٢٦)، عبد الرزاق (١٠٦٧٩)، وسعيد بن منصور (٨١٨)، والبيهقي (٧/ ٢١٤) من طريق يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب -رضي اللَّه عنه- قال: أيما رجل تزوج امرأة فدخل بها، فوجد بها برصًا أو مجنونة أو مجذومة، فلها الصداق بمسيسه إياها، وهو له على من غَرَّه منها.
(٢) سيأتي قريبًا.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٤) "المعونة" (٢/ ١٠٥٩)، "التفريع" (٢/ ١٧٤ - ١٧٥)، "الكافي" (٣٤٧ - ٣٤٨)، "التلقين" (٢/ ٣٨٨ - ٣٨٩)، "جامع الأمهات" (٣٦٠)، "بداية المجتهد" (٢/ ١٨١)، "الإشراف" (٢/ ٤٨٦ مسألة ٨٠٦) وتعليقي عليه.
(٥) "مختصر الطحاوي" (٨٥)، "المبسوط" (١٣/ ٩٥)، "تحفة الفقهاء" (٢/ ٩٠)، "إيثار الإنصاف" (٣١٥).
(٦) ما بين المعقوفتين سقط من (ك) و (ق).
(٧) الذي وجدته عن علي -رضي اللَّه عنه- ما رواه عبد الرزاق (١٦٠٧٧ و ١٠٦٦٨)، وسعيد بن منصور (٨٢٠ و ٨٢١) -ومن طريقه البيهقي (٧/ ٢١٥) وابن حزم في "المحلى" (١٠/ ١١٠، ١١٣) - =

<<  <  ج: ص:  >  >>