للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدها: أنه إن نوى وقوع الطلاق بذلك لزمه، وإلا فلا يلزمه، وجعله هؤلاء كناية، والطلاق يقع بالكناية مع النية.

الوجه الثاني: أنه صريح، فلا يحتاج إلى نية (١)، وهذا اختيار الروياني، ووجهه أن هذا اللفظ قد غلب في إرادة الطلاق فلا يحتاج إلى نية.

الوجه الثالث: أنه ليس بصريح ولا كناية، ولا يقع به طلاق وإن نواه، وهذا اختيار القَفَّال في "فتاويه"، ووجهه أن الطلاق لا بد فيه من إضافته إلى المرأة كقوله: أنت طالق، أو طلّقتك، أو قد طلقتك (٢)، أو يقول: امرأتي طالق، أو فلانة طالق، ونحو هذا، ولم توجد هذه الإضافة في قوله: الطلاق يلزمني، ولهذا قال ابن عباس فيمن قال لامرأته: طلِّقي نفسك، فقالت: أنت طالق، فإنه لا يقع بذلك طلاق (٣)، وقال؛ خطَّأ اللَّه نَوْأها (٤)، وتبعَهُ على ذلك الأئمة، فإذا قال: " [الطلاق] (٥) يلزمني" لم يكن لازمًا به إلا أن يضيفه إلى محله، ولم يضفه فلا يقع، والمُوقِعون يقولون: إذا التزمه فقد لزمه، ومِنْ ضرورة لزومه إضافته إلى المحل، فجاءت [الإضافة من] (٥) ضرورة اللزوم، ولمن نَصَر قولَ القَفَّال أن يقول (٦): إما أن يكون قائل هذا اللفظ قد التزم التطليق أو وقوع الطلاق الذي هو أثره، فإن كان الأول لم يلزمه لأنه نَذَر أن يُطلِّق، ولا تطلق المرأة بذلك، وإن كان قد التزم الوقوع فالتزامه بدون سبب الوقوع ممتنع، وقوله: "الطلاق يلزمني" التزامٌ لحكمه عند وقوع سببه، وهذا حق، فأين في هذا اللفظ وجود سبب الطلاق؟ وقوله: "الطلاق يلزمني" لا يصلح أن يكون سببًا، إذا (٧) لم يضفْ فيه الطلاق إلى محله بوجه، ونظيرُ هذا أن يقول له: بعني أو أجِّرني (٨)، فيقول: البيع


(١) في المطبوع: "نيته".
(٢) في (ك) و (ق): "طلَّقت".
(٣) رواه ابن أبي شيبة (٤/ ٤٥)، وسعيد بن منصور (١٦٤١ و ١٦٤٢) من ثلاثة طرق عن ابن عباس، بأسانيد صحيحة.
ورواه البيهقي (٧/ ٣٤٩) بإسنادين عن ابن عباس أحدهما منقطع، والآخر فيه متروك!!
(٤) في (و)، و (ح): "عطاء اللَّه بوَّأها" وما أثبتناه من (د)، و"مصنف ابن أبي شيبة" و"السنن الكبرى".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٦) في (ن) و (ق): "ولمن نصر الإضافة من قول القفال أن يقول".
(٧) في (د)، و (ط) و (ق): "إذ"، وما أثبتناه من (و)، و (ح).
(٨) في (د): "آجرني".

<<  <  ج: ص:  >  >>