للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي "جامع الترمذي": "أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- صلَّى على أُمّ سعد بعد شهر" (١).

فردّت هذه السنة (٢) المحكمة بالمتشابه من قوله: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلّوا إليها" (٣)، وهذا حديث صحيح والذي قاله [هو النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-] (٤) الذي صَلَّى على القبر، فهذا قوله وهذا فعله، ولا يناقض أحدهما الآخر، فإنَّ الصَّلاةَ المنهيَّ عنها إلى القبر غير الصلاة التي على القبر، فهذه صلاة الجنازة على الميت التي لا تختصُّ بمكان، بل فِعْلُها في غير المسجد أفضل من فعلها فيه (٥)، فالصَّلاةُ عليه على قبره من جنس الصلاة عليه على نعشه، فإنه المقصودُ بالصلاة في الموضعين، ولا فَرقَ بين كونه على النعش وعلى الأرض وبين كونه في بطنها، بخلاف سائر الصلوات، فإنها لم تُشرع في القبور ولا إليها؛ لأنها ذريعة إلى


= وقال: إنَّ إسماعيل تفرَّد بذلك. ورواه الدَّارَقُطْنِيُّ من طريق هُرَيْم بن سفيان، عن الشَّيْبَانِي فقال: "بعد موته بثلاث". ومن طريق بشر بن آدم، عن أبي عاصم، عن سفيان الثوري، عن الشَّيْبَاني فقال: "بعد شهر". وهذه روايات شاذّة، وسياق الطرق الصحيحة يدلُّ على أنَه صلَّى عليه في صَبِيحَةِ دَفْنِهِ".
(١) رواه الترمذي (١٠٣٨) في (الجنائز): باب ما جاء في الصلاة على القبر، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٩)، والبيهقي (٤/ ٤٨) من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت، والنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- غائب فلما قدم صلّى عليها، وقد مضى لذلك شهر، وليس في "مصنف ابن أبي شيبة" تحديد للمدّة.
قال البيهقي: "وهو مرسل صحيح".
ثم قال: "ورواه سويد بن سعيد عن يزيد بن زريع عن شعبة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس موصولًا، وحكى أبو داود عن أحمد أنّه قال: لا تحدّث بهذا".
وسويد بن سعيد هذا ضعيف، فكيف وقد خالف!
(٢) في المطبوع: "هذه السنن".
(٣) رواه مسلم في "الصحيح" (كتاب الجنائز): باب النهي عن الجلوس على القبر والصلاة عليه (٢/ ٦٦٨/ رقم ٩٧٢) من حديث أبي مَرْثَد الغنوي.
(٤) ما بين المعقوفتين من المطبوع فقط، وفي (ق) و (ك): "والذي قاله هو الذي".
(٥) ثبت أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يصلّي على الجنازة في المصلّى، وقد ورد هذا من حديث أبي هريرة، أخرجه البخاري (١٢٤٥) في (الجنائز): باب الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، و (١٣٣٣) في باب التكبير على الجنازة أربعًا، و (٣٨٨١) في (مناقب الأنصار): باب موت النجاشي، ومسلم (٩٥١) (٦٢) في (الجنائز): باب في التكبير على الجنازة، وانظر: "فتح الباري" (٣/ ١٩٩).
وانظر: "زاد المعاد" (١/ ١٤٠/ ١٤٦ و ٣/ ٤٧)، و"تهذيب السنن" (٤/ ٣٢٥، ٣٣١ - ٣٣٢، ٣٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>