والحديث له علتان كما ذكر الحافظ ابن رجب في "شرحه على الأربعين النووية" وهما: الأولى: أن مكحولًا لم يصح له سماع من أبي ثعلبة، كما قال أبو مسهر الدمشقي، وأبو نعيم الحافظ، ثم هو مدلس، وقد عنعن. الثانية: أنه اختلف في رفعه ووقفه، فقد رواه البيهقي (١٠/ ١٢) من طريق حفص عن داود موقوفًا. وروي عن مكحول قوله -أيضًا -كما قال الحافظ الدارقطني في "العلل" (١١٧٠) ثم قال: "والأشبه بالصواب مرفوعًا وهو أشهر"، وقد حسن الحديث النووي، وأبو بكر السمعاني في "أماليه" كما قال ابن رجب، وأبو الفتوح الطائي، قال في "أربعينه" (ص ١٠٨): "هذا حديث كبير عال حسن، من حديث مكحول الشامي عن أبي ثعلبة الخشني. تفرد به داود بن أبي هند عن مكحول"، وقال الهيثمي (١/ ١١٧): "ورجاله رجال الصحيح". لكن تبقى فيه علة الانقطاع بين مكحول وأبي ثعلبة. وله شاهد من حديث أبي الدرداء بلفظ: "ما أحل اللَّه في كتابه فهو حلال، وما حرمه فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو. . . ". رواه الدارقطني (٢/ ١٣٧)، والبزار (١٢٣)، و (٢٢٣١)، و (٢٨٥٥)، والحاكم (٢/ ٣٧٥)، وعنه البيهقي (١٠/ ١٢)، وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه -كما في "الدر المنثور" (٥/ ٥٣١) - من طريق عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه عن أبي الدرداء مرفوعًا، قال البزار: وإسناده صالح. قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٢١): "وإسناده حسن، ورجاله موثقون". قلت: عاصم بن رجاء فيه كلام، فلا يرقى حديثه للصحيح. وحسنه شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- في "غاية المرام" (رقم ٢). فتصحيح المصنف لحديث أبي ثعلبة فيه نظر، نعم، قد يكون صحيحًا لغيره لشواهده، انظرها مع تخريجها في تعليقي على "تحقيق البرهان" (ص ١٣٧/ ط الثانية)، والتعليق على "سنن سعيد بن منصور" (٢/ ٣٢٠ - ٣٣٠).