للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أثر مرفوع ذكره أبو الفرج وغيره: "من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماء وملائكة الأرض" (١).

وكان مالك -رحمه اللَّه ورضي عنه- يقول: من سئل عن مسألة فينبغي له قبل أن يجيب فيها أن يعرض نفسه على الجنة والنار وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب فيها (٢)، وسئل عن مسألة فقال: لا أدري، فقيل له: إنها مسألة خفيفة سهلة فغضب، وقال: ليس في العلم شيء خفيف أما سمعت قول اللَّه عز وجل: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا} [المزمل: ٥] , فالعلم كله ثقيل وخاصة ما يسأل عنه يوم القيامة (٣)، وقال: ما أفتيتُ حتى شهد لي سبعون أني أهلٌ لذلك (٤)، وقال: لا ينبغي لرجل أن يرى نفسه أهلًا لشيء حتى يسأل من هو أعلم منه، وما أفتيتُ حتى سألت ربيعة ويحيى بن سعيد، فأمراني (٥) بذلك، ولو نهياني انتهيت (٦)، قال: وإذا كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- تصعب عليهم المسائل، ولا يجيب أحد منهم في (٧) مسألة حتى يأخذ رأي صاحبه مع ما رُزقوا من السَّداد


(١) رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (رقم ١٠٤٣) وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٥/ ق ٥٦) وفي "مشيخته" (ق ١٠٩/ أ) من طريق عبد اللَّه بن أحمد بن عامر الطائي عن أبيه عن علي بن موسى الرضا عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن أبيه علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رفعه وإسناده واه جدًا، قال الذهبي في "الميزان" (٢/ ٣٩٠) في ترجمة (عبد اللَّه بن أحمد بن عامر الطائي): "عن أبيه عن علي الرضا عن آبائه بتلك النسخة الموضوعة الباطلة، ما ينفك عن وضعه أو وضع أبيه" ومع هذا فقد حكم عليه شيخنا في "ضعيف الجامع" (رقم ٥٤٥٩) بالضعف.
وأما قول المصنف: "ذكره أبو الفرج" أي في رسالته "تعظيم الفتيا"، وفي أول الفوت (ق ٩/ أ) بإسناده إلى ابن مردويه حدثنا علي بن الحسين. وبعده نقص، ولعل تتمة الإسناد لهذا المتن لأنه تحت باب (وقد جاء الوعيد الشديد لمن يفتي وليس من أهل الفتوى)، واللَّه أعلم.
(٢) نقله القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ١٤٤) وابن الصلاح في "أدب المفتي" (٨٠) والشاطبي في "الموافقات" (٥/ ٣٢٤ - بتحقيقي).
(٣) نقله القاضي عياض في "ترتيب المدارك" (١/ ١٤٧ - ١٤٨) وابن الصلاح في "أدب المفتي" (٨٠) والشاطبي في "الموافقات" (٥/ ٣٢٩ - بتحقيقي). وانظر: "الإمام مالك مفسرًا" (ص ٣٩٩) و"صفة الفتوى والمفتي" (٨٠).
(٤) رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (رقم ١٠٤١) وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣١٦).
(٥) في (ق): "وأمراني".
(٦) رواه الخطيب في "الفقيه والمتفقه" (١٠٤٢) وأبو نعيم في "الحلية" (٦/ ٣١٦) والبيهقي في "المدخل" (رقم ٨٢٥)، وابن الجوزي في "تعظيم الفتيا" (رقم ٤٩).
(٧) في المطبوع و (ك): "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>