للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجميع الصحابة في زمانه، وإحدى الروايتين عن ابن عباس (١)، واختيار أعلم الناس بسيرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- محمد بن إسحاق والحارث العكلي وغيره، وهو أحد القولين في مذهب مالك حكاه التلمساني في "شرح تفريع ابن الجلاب" (٢)، وأحد القولين في مذهب الإمام أحمد اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رضي اللَّه عنه (٣).

والرابع: أنها واحدة في حق التي لم يدخل بها، وثلاث (٤) في حق المدخول بها، وهذا مذهب إمام أهل خراسان في وقته إسحاق بن راهويه نظير الإمام أحمد والشافعي ومذهب جماعة من السلف.

وفيها مذهب خامس، وهو أنها إن كانت منجَّزة وقعت، وإن كانت معلَّقة لم تقع، وهو مذهب حافظ الغرب وإمام أهل الظاهر في وقته أبو محمد بن حزم (٥)، ولو طولبتم بإبطال هذه الأقوال وتصحيح قولكم بالدليل الذي يركن إليه العالم لم يمكنكم ذلك، والمقصود أنكم تستدلون بما يحتاج إلى إقامة الدليل عليه، والذين يَسَلِّمون لكم وقوع الثلاث جملة واحدة فريقان:

* فريق يقول بجواز إيقاع الثلاث فقد أتى المكلف عنده بالسبب المشروع المقدور فترتب عليه سبَبُه.

* وفريق يقول: تقع وإن كان إيقاعها محرمًا كما يقع الطلاق في الحيض والطُّهر الذي أصابها فيه وإن كان محرمًا لأنه ممكن، بخلاف وقوع طلقة مسبوقة بثلاث فإنه محال، فأين أحدهما من الآخر؟


(١) رواه البيهقي (٧/ ٣٣٩) من طريق مسلم بن عصام: أخبرنا عبد اللَّه بن سعد: أخبرنا عمي: أخبرنا أبي عن ابن إسحاق: حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عنه.
وهذا إسناد رواته ثقات من رجال الصحيح، غير ابن إسحاق فهو حسن الحديث، وغير مسلم بن عصام، فإني لم أجد له ترجمة فيما بين يدي.
ولكن رواية داود عن عكرمة فيها اضطراب، كما قال غير واحد من أهل الجرح والتعديل.
قال البيهقي -رحمه اللَّه-: وهذا إسناد لا تقوم الحجة به، مع ثمانية رووا عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، فتياه بخلاف ذلك، أي أن الثلاث تقع ثلاثًا، وقد وردت عنه بأسانيد صحيحة مخرجة فيما مضى.
(٢) مضى التعريف به في التعليق على (٣/ ٣٨٨).
(٣) انظر: "مجموع الفتاوى" لإمام الأئمة شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه اللَّه وغفر له- (٣٢/ ٣١١ - ٣١٢).
(٤) في (ق) و (ك): "ثلاث".
(٥) انظر: "المحلى" (١٠/ ١٦٧ - ١٧٣)، وفي سائر النسخ: "محمد بن حزم" والمثبت من (ك).

<<  <  ج: ص:  >  >>