للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} [البقرة: ٢٨٣] وفي قوله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ} الآية [المائدة: ٨]، كما دخل في جميع ما فيها من الأوامر، ويدخل في قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "فإنْ شَهِد ذَوا عَدْل فصوموا وأَفْطِرُوا" (١) وقال أنس بن مالك: ما علمت أحدًا رد شهادة العبد (٢)، رواه الإمام أحمد عنه، وهذا أصح من غالب الإجماعات التي يدَّعيها المتأخرون؛ فالشهادة على الشارع بأنه أبطل شهادة العبد وردّها شهادةٌ بلا علم، ولم يأمر اللَّه برد شهادة صادق أبدًا، وإنما أمر بالتثبت في شهادة الفاسق (٣).


= أرسل حديث: "يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله"، رواه غير واحد عن معان بن رفاعة عنه، ومعان ليس بعمدة، ولا سيما أنه أتى بواحد لا يُدرى من هو.
وقد روى الخطيب (٥٦) عن مهنا بن يحيى أنه سأل الإمام أحمد عن هذا الحديث: كأنه موضوع. فقال الإمام: لا هو صحيح.
وقد صححه الإمام أحمد لحسن ظنه بمعان بن رفاعة حيث قال: لا بأس به.
وقد رد تصحيح أحمد للحديث غير واحد:
منهم ابن القطان الفاسي حيث نقل عنه الحافظ العراقي في "التقييد والإيضاح" أنه قال: وقد رُوي هذا الحديث متصلًا من رواية جماعة من الصحابة، وكلها ضعيفة لا يثبت منها شيء، وليس فيها شيء يقوي المرسل المذكور. وانظر: "بيان الوهم والإيهام" (١/ ٣٤٦ - ٣٤٧ و ٣/ ٣٧ - ٤١).
وقال العقيلي: وقد رواه قوم مرفوعًا من جهة لا تثبت.
وضعفه أيضًا الدارقطني وابن عبد البر.
(١) رواه أحمد في "مسنده" (٤/ ٣٢١)، والنسائي في "سننه" (٤/ ١٣٢ - ١٣٣)، والدارقطني (١٦٧/ ٢ - ١٦٨) -ومن طريقه ابن الجوزي في "التحقيق" (٥/ ٣١٥ رقم ١٢٥٨ - ط قلعجي) - وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" (٦/ ٣١٥٠ رقم ٧٢٥٢) من طرق عن الحسين بن الحارث عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن أصحاب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-. . .
وعند أحمد: فإن شهد شاهدان مسلمان.
ورجاله ثقات، وعد الرحمن بن زيد هذا ولد في حياة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.
(٢) لم أجد هذا في "المسند"، وفي "صحيح البخاري" في (الشهادات): باب شهادة الإماء والعبيد قبل حديث (٢٦٥٩)، وقال أنس: "شهادة العبد جائزة إذا كان عدلًا".
وهذا وصله ابن أبي شيبة (٦/ ٧٧): حدثنا حفص بن غياث عن المختار بن فلفل قال: سألت أنسًا. . .، وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وانظر: "تغليق التعليق" (٣/ ٣٨٨ - ٣٨٩).
(٣) مضى الكلام عليها، وانظر: "الطرق الحكمية" (ص ١٨١ - ١٨٧)، و"بدائع الفوائد" (١/ ٥). و"الإشراف" (٤/ ٥٥٧ رقم ١٨٢١) وتعليقي عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>