للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نسمع منهم، ونقبل ما بلغوه عنك وعن رسولك، فسمعًا لك ولرسولك وطاعة، ولم نتخذهم أربابًا نتحاكم إلى أقوالهم، ونخاصم بها، ونوالي ونعادِي عليها، بل عرضنا أقوالهم على كتابك وسنة رسولك، فما وافقهما قبلناه، وما خالَفَهما أعرضنا عنه وتركناه، وإن كانوا أعلم منا بك وبرسولك، فمن وافق قوله قولَ رسولك كان أعلم منهم في تلك المسألة، فهذا جوابنا، ونحن نناشدكم اللَّه: هل أنتم كذلك حتى يمكنكم هذا الجواب بين يدي مَنْ لا يبدَّلُ القول لديه، ولا يروج الباطل عليه؟

ويقال سادس عشر: كل طائفة منكم معاشر طوائف المقلدين، قد أنزلت [جميعَ] الصحابة من أولهم إلى آخرهم وجميع التابعين من أولهم إلى آخرهم وجميع علماء الأمة من أولهم إلى آخرهم إلا مَنْ قلدتموه (١) في مكان مَنْ لا يعتد بقوله، ولا ينظر في فتاواه، ولا يشتغل بها, ولا يعتد بها, ولا وجه للنظر فيها إلا للتمحل (٢) وإعمال الفكر (٣) وكدّه في الرد عليهم إذا خالَفَ قولُهم قولَ متبوعهم، وهذا هو المسوغ للرد عندهم (٤)، فإذا خالف قول متبوعهم نصًا عن اللَّه ورسوله فالواجب التمحُّلُ والتكلف في إخراج ذلك النص عن دلالته، والتحيل لدفعه بكل طريق حتى يصح قول متبوعهم، فياللَّه لدينه وكتابه وسنة رسوله لبدعة كادت تثل عرش الإيمان (٥) وتهدُّ ركنه لولا أن اللَّه ضمن لهذا الدين أن لا يزال فيه من يتكلم بأعلامه ويذب عنه، فمَنْ أسوأ ثناء على الصحابة والتابعين وسائر علماء المسلمين، وأشد استخفافًا بحقوقهم، وأقل رعاية لواجبهم (٦)، وأعظم استهانة بهم، ممن لا يلتفت إلى قول رجل واحد منهم، ولا إلى فتواه غير صاحبه الذي اتخذه وَليجة من دون اللَّه ورسوله؟

ويقال سابع عشر: من عجيب (٧) أمركم أيها المقلدون أنكم اعترفتم وأقررتم على أنفسكم بالعجز عن معرفة الحق بدليله من كلام اللَّه وكلام رسوله، مع سهولته وقرب مأخذه، واستيلائه على أقصى غايات البيان، واستحالة الاختلاف والتناقض


(١) في (ن): "قلد" وفي (ك): "قلدوه"، وما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) قال في هامش (ق): "يقال: تمحل، أي: احتال، والمحل: المكر، والكيد".
(٣) في (ن) و (ك): "وإعمال الفكرة".
(٤) في المطبوع: اللرد عليهم عندهم"، وقبلها في (ك) و (ق): "متبوعه" بدل "متبوعهم".
(٥) في هامش (ق): "يقال ثلهم ثلًا أهلكهم".
(٦) في (ت) و (ق) و (ك): "لواجبها".
(٧) في المطبوع: "من أعجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>