للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تحجّزتم الواسع من فضل اللَّه الذي ليس على قياسه عقول العالمين ولا اقتراحاتهم، وهم كان كانوا في عصركم ونشأوا معكم وبينكم وبينهم نسب قريب فالئه يَمنُّ على من يشاء من عباده، وقد أنكر اللَّه سبحانه على من رد النبوة بأن اللَّه صَرَفها عن عُظماء القرى ورؤسائها (١) وأعطاها لمن ليس كذلك بقوله: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [الزخرف: ٣٢] وقد قال النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مثل أمتي كالمطر، لا يُدرى أوَّله خيرٌ أم آخره" (٢) وقد أخبر اللَّه سبحانه عن السابقين بأنهم: {ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (١٣) وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: ١٣، ١٤]، وأخبر سبحانه أنه: {بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} ثم قال: {وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ثم أخبر أَنَّ {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ} [الجمعة: ٢ - ٤].


(١) في (د): "ومن رؤسائها".
(٢) ورد الحديث عن جمع من الصحابة منهم:
أولًا: عمار بن ياسر، وله عنه طرق:
فقد أخرجه الطيالسي (٦٤٧) عن عمران عن قتادة عن صاحب لنا عن عمار. ورواه البزار في "مسنده" (١٤١٢)، وابن حبان (٧٢٢٦)، والرَّامَهُرْمُزِيُّ في "الأمثال" (ص ١٠٩)، والبيهقي في "الزهد الكبير" (٣٩٩)، والطبراني في "الكبير"؛ كما في "المجمع" (١٠/ ٦٨) من طريق الفضيل بن سُليمان عن موسى بن عقبة عن عبيد بن سلمان الأغر عن أبيه عن عمار.
ورجاله ثقات، غير عبيد بن سلمان الأغر، ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال أبو حاتم: لا أعلم فيه إنكارًا، وروى عنه جمع، وفضيل بن سليمان، قال ابن معين: ليس بثقة، وقال أبو زرعة: ليس الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه، وليس بالقوي. قال البزار: وهذا الإسناد أحسن من الأسانيد الأخرى التي تروى عن عمار.
ورواه أحمد (٤/ ٣١٩) من طريق أبي عمر عن الحسن عن عمار.
ثانيًا: حديث أنس: رواه أحمد (٣/ ١٣٠ و ١٤٣)، والطيالسي (٢٠٢٣)، والترمذي (٢٨٦٩)، وأبو الشيخ في "الأمثال" (٣٣٠ و ٣٣١)، والخطيب (١١/ ١١٤)، وابن عدي (٣/ ٩١٨ و ٤/ ١٦٣٨ و ٧/ ٢٦٢٣) والرامهرمزي في "الأمثال" (ص ١٠٨ - ١٠٩)، والقضاعي في "مسند الشهاب" (١٣٥١ و ١٣٥٢)، والبيهقي في "الزهد الكبير" (٤٠٠)، وحسنه الترمذي، وفي الباب أيضًا عن ابن عمر، وابن عمرو.
قال الحافظ في "الفتح" (٦/ ٧): "وهو حديث حسن، له طرق يرتقي بها إلى الصحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>