والعجب أن الذهبي ذكر هذا الحديث في ترجمة هشام أبي كليب، وقال: هذا منكر، وراويه لا يُعْرف، وكذا ذكره الحافظ في "اللسان"، ونقل كلام الذهبي، وزاد: ذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال في "التلخيص الحبير" (٣/ ٦٠): هشام أبو كليب راويه عن ابن أبي نُعيم لا يعرف. أقول: هشام هذا هو هشام بن عائذ بن نصيب الأسدي، أبو كليب، ذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (٩/ ٦٤ - ٦٥)، وذكر أنه روى عن ابن أبي نعيم، وروى عنه الثوري ثم نقل عن أحمد بن حنبل وابن معين أنهما قالا: ثقة، وقال أبو حاتم: شيخ. ثم ترجمه في هشام أبي كليب (٩/ ٦٨)، ونقل عن عبد اللَّه بن أحمد قال: سألت أبي عن هشام بن كليب الذي يروي عنه الثوري فقال: ثقة. إذن فثبت أن هشامًا هذا ثقة، وباقي رجاله ثقات، واعلم أن ألفاظ الحديث كلها جاءت بلفظ: "نُهي" المبني للمجهول، وليس فيها ذكر النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أفاده ابن القطان في "بيان الوهم والإيهام" (٢/ ٢٧١ - ٢٧٢). أما شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- فنقل عن "مشكل الآثار" -الطبعة الهندية- لفظ الحديث: نهى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالبناء للمعلوم، وبناء عليه تعقب ابن القطان، ولكن في طبعة مؤسسة الرسالة ورد الحديث: نُهي بالبناء للمجهول، فاللَّه أعلم. نعم، ورد الحديث من طريق آخر بصيغة المبني للمعلوم: رواه الطحاوي في "مشكل الآثار" (٧٠٩) من طريق عطاء بن السائب عن ابن أبي نُعيم عن بعض أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه نهى عن عَن عَسْب التيس. . .، وقفيز الطحان، وعطاء اختلط. ورواه (٧١٠) من طربق عطاء بن السائب عن بعض أصحاب النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- به. وعلى كل حال فالصحيح أن مثل هذه الألفاظ لها حكم الرفع لأن الآمر الناهي في ذلك الوقت هو رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والنهي عن عَسْب الفجل ثابت في "صحيح البخاري" وغيره، وانظر: "الأحكام الوسطى" (٦/ ٢٥٥) لعبد الحق الإشبيلي. وفي هامش (ق): "حديث النهي عن قفيز الطحان غير ثابت"!!. (١) في المطبوع: "حنطته". (٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).