للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهو قول ابن عباس، وقد فسَّر الشافعي (١): "لا طلاق في إغلاق" بالغضب، وفسره به مسروق؛ فهذا مسروق والشافعي وأحمد وأبو داود والقاضي إسماعيل، كلهم فسروا الإغلاق بالغضب وهو من أحسن التفسير؛ لأن الغَضبَان قد أُغْلِقَ عليه بابُ القصد لشدة غضبه (٢)، وهو كالمُكْره، بل الغضبان أولى بالإغلاق من المُكْرَه؛ لأن المكره قد قصد رفع الشر الكثير بالشر القليل الذي هو دونه، فهو قاصد حقيقة، ومن [ها] (٣) هنا أوقع عليه الطلاقَ مَنْ أوقعه، وأما الغَضْبَان فإن انغلاق باب القصد والعلم عنه كانغلاقه عن السكران والمجنون، فإن الغضب غُول العقل يغتاله [كما يغتاله] (٤) الخمر، بل أشد، وهو شعبة من الجنون، ولا يشك فقيهُ النفسِ في أن هذا لا يقع طَلَاقُه؛ ولهذا قال حَبْر الأمة الذي دعا له رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بالفقه (٥) في الدين: "إنما الطلاق عن وَطَر"، ذكره البخاري في


= سليمان بن أبي سليمان، وسليمان بن داود، وقال في سليمان بن داود: وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد.
وقال في سليمان بن أبي سليمان: في بعض رواياته عن يحيى بعض الإنكار مما لا يرويه عن يحى غيره، ولم أر للمتقدمين فيه كلامًا من صدق أو ضعف (وذكر حديثنا في ترجمة هذا).
ونقل الذهبي في "الميزان" عن ابن أبي حاتم أنه ضعَّفه.
وهو في "الجرح والتعديل" (٤/ ١٢٢)، وقال فيه: شيخ ضعيف، وقد فرّق ببنهما أيضًا ابن حبان، فذكر ابن داود في "الضعفاء"، وذكر ابن أبي سليمان في "الثقات"، وقال: ربما خالف.
وفرّق بينهما أيضًا البخاري، ورد عليه الخطيب في "الموضح" (١/ ١١٩).
قال ابن حجر: ولم يأت بدليل، وانظر: "بيان الوهم والإيهام" (٣/ ٥٥٥) و"الدر المنظوم" (رقم ٢٦٢) و"تنقيح التحقيق" (٩/ ١٣٥ و ١٠/ ٣٦٧) للذهبي، و"لسان الميزان" (٣/ ٩٥ رقم ٣٢٢)، وتعليقي على "سنن الدارقطني" (رقم ٣٨٦٧، ٤٢٣٣) وعلى كل حال: فالحديث فيه لين، كما قال المصنف -رحمه اللَّه-.
(١) "الأم" (٥/ ١٨٤)، وانظر "مختصر البيهقي" (٤/ ٢١٨).
(٢) في المطبوع و (ك): "بشدة غضبه".
(٣) ما بين المعقوفتين من (و) و (ك).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (ن) و (ق).
(٥) رواه البخاري (١٤٣) في (الوضوء): باب وضع الماء عند الخلاء، ومسلم (٢٤٧٧) في (فضائل الصحابة): باب فضائل عبد اللَّه بن عباس، من حديث ابن عباس بهذا اللفظ.
ورواه البخاري (٧٥ و ٣٧٥٦ و ٧٢٧٠) من حديثه أيضًا بلفظ: "اللهم علِّمه الكتاب".
ورواه أحمد في "مسنده" (١/ ٢٦٦ و ٣١٤ و ٣٢٨ و ٣٣٥)، وفي (فضائل الصحابة): (١٨٥٦ و ١٨٥٨ و ١٨٨٢) من حديثه أيضًا بلفظ: "اللهم فقهه في الدين وعلِّمه التأويل".

<<  <  ج: ص:  >  >>