للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن إخراجه مخرج اليمين منع لزوم الوفاء به، مع أن الالتزام به أكثر من الالتزام بقوله: "فهو حر" فكل ما في التزام قوله: "فهو [حر] (١) " فهو داخل في التزام (٢): "فعليَّ أن أعتقه" ولا ينعكس، فإن قوله: "فعليّ أن أعتقه" يتضمن وجوبَ الإعتاق وفعل العتق ووقوع الحرية، فإذا منَعَ قصدَ الحض (٣) أو المنع وقوع ثلاثَةِ [أشياء] (٤) فلأن يمنع وقوع واحد منها أولى وأحْرَى، وهذا لا جواب عنه، وهو مما يبين [فضل] (٤) فقه الصحابة رضي اللَّه عنهم، وأن بين فقههم وفقه من بعدهم كما بينهم (٥) وبينهم، وحتى لو لم يصح ذلك عنهم لكان هذا مَحْضَ القياس ومقتضى قواعد الشرع وأصوله من أكثر من عشرين وجهًا لا تخفى على متبحّر (٦) تتبعها، ويكفي قولُ فقيه الأمة وحَبْرِهَا وترجمان القرآن ابن عباس رضي اللَّه عنه: "العتق ما ابتغي به وجه اللَّه، والطلاق ما كان عن وطر" (٧).

فتأمل هاتين الكلمتين الشريفتين الصادرتين عن علم قد رسخ أسفلُه، وبَسَقَ أعلاه، وأينعت ثمرتُه، وذللت للطالب قطوفُه، ثم احكم بالكلمتين (٨) على أيمان الحالفين بالعتق والطلاق، هل تجد الحالفَ بهذا ممن يبتغي به (٩) وجه اللَّه والتقربَ إليه بإعتاق هذا العبد؟ وهل تجد (١٠) الحالفَ بالطلاق ممن له وطر في طلاق زوجته؟ فرضي اللَّه عن [حَبْرِ هذه الأمة] (١١) لقد شَفَتْ كلمتاه هاتان الصدورَ، وطبقتا المفصلَ (١٢)، وأصابَتَا المحزَّ (١٣)، وكانتا برهانًا على استجابة دعوة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-[له] (١٤) أن يعلمه اللَّه التأويل ويفقهه في


(١) بياض في (ق).
(٢) في (ك): "الالتزام".
(٣) قال (د): "في نسخة: "الخطر أو المنع" في الموضعين".
(٤) سقط من (ق).
(٥) في المطبوع: "بينه".
(٦) في (ن) و (ق): "متحرٍ".
(٧) علقه البخاري في "صحيحه" في (الطلاق): باب الطلاق في الإغلاق والكره والسكران والمجنون. . . قبل حديث (٥٢٦٩) تعليقًا مجزومًا به، ولم يذكر الحافظ في "الفتح" وصْلًا، وانظر: "تغليق التعليق" (٤/ ٤٥٥)، وقارنه بما علقناه سابقًا.
(٨) في (ق) و (ك): "قد حكم الكلمتين" وأشار في (ق) إلى تصحيحها.
(٩) سقط من (ك) و (ق).
(١٠) سقط من (ك).
(١١) في (ك): "خير الأمة" وفي (ق): "حبر الأمة".
(١٢) في (ك) و (ق): "الفصل".
(١٣) في (ق): "وأضاءتا المحن" وأشار إلى تصحيحها.
(١٤) ما بين المعقوفتين من (ق).

<<  <  ج: ص:  >  >>