للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمر تضج منه الحقوق إلى اللَّه ضجيجًا وتعج منه الفروج والأموال والدماء (١) إلى ربها عجيجًا تبدل فيه (٢) الأحكام، ويُقلب [فيه] (٣) الحلال بالحرام، ويُجعل المعروف فيه (٤) أعلى مراتب المنكرات، و [المنكر] (٥) الذي لم يشرعه اللَّه ورسوله من أفضل القُرُبات، الحق فيه غريب، وأغرب منه من يعرفه، وأغرب منهما من يدعو إليه وينصح به نفسه والناس، قد فلق بهم (٦) فالقُ الإصباح صُبْحه عن غياهب الظلمات، وأبان [لهم] (٧) طريقه المستقيم من بين تلك الطرق (٨) الجائرات، وأراه بعين قلبه ما كان عليه رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -رضي اللَّه عنهم-، مع ما عليه أكثر الخلق من البدع المضلات، رفع له علم الهداية فشمَّر إليه (٩)، ووضح [له] (١٠) الصراط المستقيم فقام واستقام عليه، وطوبى له من وحيد على كثرة السكان، غريب على كثرة الجيران، بين أقوام رؤيتهم قذى العيون، وشجى الحلوق، وكرب النفوس، وحمَّى الأرواح، وغم الصدور، ومرض القلوب، إن (١١) أنصفتهم لم تقبل طبيعتهم الإنصاف (١٢)، وإن طلبته [منهم] (١٣)، فأين الثريا من يد الملتمس، قد انتكست قلوبهم، وعمي عليهم مطلوبهم، رضوا بالأماني، وابتلوا بالحظوظ، وحصلوا على الحرمان، وخاضوا بحار العلم لكن بالدعاوي الباطلة وشقاشق (١٤) الهذيان، ولا واللَّه ما ابتلت من وَشَله (١٥) أقدامهم، ولا زكت به عقولهم وأحلامهم، ولا ابيضت به لياليهم وأشرقت بنوره أيامهم، ولا ضحكت بالهدى، والحق منه وجوه الدفاتر (١٦) إذ بُلَّتْ بمدادهِ أقلامُهم (١٧) أَنفقوا في غير


(١) في (ق): "والدماء والأموال".
(٢) قال (د): "في نسخة: "تستبدل فيه الأحكام"، ويغلب. . . إلخ".
(٣) في (ق): "ويغلب فيه"، وما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ك).
(٤) في (ت) و (ك): "ويجعل فيه المعروف في"، وفي (ق): "ويجعل المعروف فيه في".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(٦) في (ت) و (ك): "قد خلق له"، وفي (ق): "قد خلق لهم".
(٧) ما بين المعقوفتين من (ق).
(٨) في (ق): "الطرقات".
(٩) في (ق): "رفع له علم الهدى فسري به".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(١١) في المطبوع: "وإن".
(١٢) في (ق): "لم يقبل طبعهم الإنصاف".
(١٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(١٤) في (ق): "وشقايق".
(١٥) "الوشل: الماء القليل" (و).
(١٦) في (ق): "ركوة الدفاتر"، وفي (ك): "ربوة الدفاتر".
(١٧) في (ق): "إذا بُلت بمداد ما كلامهم"، وفي (ق): "إذ بكت بمداده اقلامهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>