للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمايته (١)، ولم يأت بالمطلوب.

قلت: وهذا فيه تفصيل، فإن المفتي المتمكن من العلم المضطلع به قد يتوقف في الصواب في المسألة المتنازع فيها، فلا يقدم على الجزم بغير علم وغاية ما يمكنه أن يذكر الخلاف فيها للسائل، وكثيرًا ما يسأل الإمام أحمد [-رضي اللَّه عنه-] (٢) وغيره من الأئمة عن مسألة فيقول: فيها قولان أو قد اختلفوا فيها، وهذا كثير في أجوبة (٣) الإمام أحمد لسعة علمه، وورعه، وهو كثير في كلام [الإمام] (٢) الشافعي [-رضي اللَّه عنه-] (٢) يذكر المسألة ثم يقول: فيها قولان، وقد اختلف أصحابه (٤) هل يضاف القولان اللَّذان يحكيهما إلى مذهبه ويُنسبان إليه أم لا؟ على طريقين، وإذا اختلف عليُّ وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وزيد وأبيّ وغيرهم من الصحابة [-رضي اللَّه عنهم-]، ولم يتبين للمفتي القول الراجح من أقوالهم فقال: هذه مسألة اختلف فيها فلان وفلان من الصحابة، فقد انتهى (٥) إلى ما يَقْدر عليه من العلم. قال أبو إسحاق الشيرازي (٦): سمعت شيخنا أبا الطيب [الطبري] يقول: سمعت أبا العباس الخُضَري (٧) يقول: كنت جالسًا عند أبي بكر بن داود الظاهري فجاءته


(١) في (ت): "غايته"!
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ت) و (ق).
(٣) في (ق): "جواب".
(٤) في (ق): "وقد اختلف فيها وقد اختلف".
(٥) في (ق): "أنهى".
(٦) في كتابه "طبقات الفقهاء" (ص ١٧٥ - ١٧٦) وعنه الخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٢٥٦ - ٢٥٧) ومحمد بن عبد الملك الهَمَذاني في "تكملة تاريخ الطبري" (١٩٨ - ١٩٩) وابن الصلاح في "أدب المفتي والمستفتي" (١٣١ - ١٣٣) وقال: "ولقد وقع ابن داود بعيدًا عن مناهج المفتين في تعقيده هذا وتسجيعه، وتحييره من استرشده وتضييعه".
(٧) في جميع الأصول: "الحضرمي"!! وهو خطأ، والمثبت من (ك) والمصادر السابقة، و (الخضري) نسبة إلى بيع البقل، كما في "المشتبه" (١/ ٢٣٨)، وفي "الإكمال" (٣/ ٢٥٥، ٢٥٦): "الخضري: بخاء معجمة مضمومة، وضاء معجمه مفتوحة، وأبو العباس الخضري: قال حضرت مجلس أبي بكر بن أبي داود، سمع منه القاضي أبو الطيب، لا أعرف اسمه" وقال ابن الصلاح في "أدب المفتي"، قلت: التصحيف شين، فاعلم أن أبا العباس الخضري هذا، هو بخاء معجمة مضمومة، وبضاد معجمة مفتوحة".
وذكر القصة بطولها ابن ناصر الدين في "توضيح المشتبه" (٣/ ٢٤٨ - ٢٤٩) واستدرك على ابن ماكولا قوله: "ابن أبي" وبيّن أنها وقعت كذلك في القصة نفسها عن ابن الجوزي في "المحتسب"، والصواب حذف (أبي).
وقال الخطيب في "تاريخ بغداد" (٥/ ٢٥٧): "قال لي القاضي أبو الطيب: كان الخضري شافعي المذهب، إلا أنه كان يعجب بابن داود، يقرظه ويصف فضله".

<<  <  ج: ص:  >  >>