للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيجوز له أن يفتي نفسه بما يفتي به غيره (١)، ولا يجوز له أن يفتي نفسه بالرخصة وغيره بالمنع، ولا يجوز له إذا كان في المسألة [قولان] (٢) قول بالجواز وقول بالمنع، أن يختار لنفسه قول الجواز ولغيره قول المنع (٣).


= من طريق معاوية بن صالح عنه، وقال: أبو عبد اللَّه الأسدي لا نعلم أحدًا سمّاه. قلت: وقعت تسميته في مطبوع "مسند الشاميين" وعند التيمي وابن عساكر بمحمد، وقال ابن رجب: "قال عبد الغني بن سعيد الحافظ، لو قال قائل: إنه محمد بن سعيد المصلوب، لما دفعت ذلك"، قال ابن رجب: "وهو مشهور بالكذب، لكنه لم يدرك وابصة".
قلت: فقول الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٧٥): "لم أجد من ترجمه" غير جيد، وهو ليس بالمصلوب، إذ ترجمه البخاري (١/ ١/ ١٤٤)، وابن أبي حاتم (٤/ ١/ ١٣٢) ولم يذكرا فيه جرحًا ولا تعديلًا، وقال العجلي في "ثقاته" (٢/ ٢٥٨ رقم ١٦٦٥): "شامي تابعي، ثقة"، وذكره ابن حبان في "ثقاته" (٥/ ٣٧٠) وقال: "لا أدري من هو"!
ورواه أحمد من نفس الطريق (٤/ ٢٢٧) لكن وقع فيه معاوية بن صالح: عن أبي عبد الرحمن السلمي عن وابصة، وفي أطراف ابن حجر: أبو عبد اللَّه السلمي، وكذا في "إتحاف المهرة" (١٣/ ٦٤١ - ٦٤٢)، ونقله ابن رجب في "جامع بيان العلم" (٢١٩) هكذا.
ويشهد له حديث أبي ثعلبة الخشني: رواه أحمد (٤/ ١٩٤) والطبراني (٢٢/ رقم ٥٨٥) وأبو نعيم (٢/ ٣٠) وإسناده صحيح، وعزاه الهيثمي للطبراني (١/ ١٧٦)، وقال: "ورجاله ثقات" وجوَّد ابن رجب في "جامع العلوم والحكم" (٢/ ٢٥٠) إسناده، وقال النووي في "أربعينه" و"رياض الصالحين" (٥٩٦) عن الحديث الذي أورده المصنف: "حسن" وهو كذلك بشواهده.
وفي الباب عن واثلة بن الأسقع: رواه أبو يعلى (٧٤٩٢)، والطبراني في "الكبير" (٢٢/ ١٩٣)، وفيه عبيد بن القاسم كذبه بعضهم، واتهمه آخرون.
(١) في المطبوع و (ت): "بما يفتي غيره به".
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٣) من لطيف ما يُذكر في جنب الترخص: ما قاله الإِمام ابن الجوزي رحمه اللَّه تعالى عن نفسه، في كتابه "صيد الخاطر" (٢/ ٣٠٤)، وقد ترخص في بعض الأمور:
"ترخصتُ في شيء يجوز في بعض المذاهب، فوجدتُ في قلبي قسوة عظيمة، وتخايل لي نوع طردٍ عن الباب، وبعد وظلمة تكاثفت.
فقالت نفسي: ما هذا؟ أليس ما خرجتَ عن إجماع الفقهاء؟ فقلتُ لها: يا نفس السوء! جوابُك من وجهين:
أحدهما: أنك تأولت ما لا تعتقدين، فلو استُفتيتِ لم تُفتي بما فعلتِ، قالت: لو لم أعتقد جوازَ ذلك ما فعلته، قلت: إلا أن اعتقادك هو ما ترضينه لغيركِ في الفتوى.
والثاني: أنه ينبغي لك الفرح بما وجدت من الظلمة عقيب ذَلك؛ لأنه لولا نورٌ في قلبك ما أثَّر مثلُ هذا عندكِ. قالت: فلقد استوحشت بهذه الظلمة المتجددة في القلب. قلت: فاعزمي على الترك، وقدِّري ما تركتِ جائزًا بالإجماع، وعُدِّي هجرَه ورعًا، وقد سلمتِ".

<<  <  ج: ص:  >  >>