للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا يدل على أنه إذا عرف منه طب وأخطأ لم يضمن والمفتي أولى بعدم الضمان من الحاكم والإمام؛ لأنَّ المستفتي مخيَّر بين قبول فتواه وردها، فإن قوله: لا يلزم بخلاف حكم الحاكم والإمام، وأما خطأ الشاهد فإما أَن يكونوا شهودًا بمال أو طلاق أو عتق أو حد أو قود، فإن بأن خطؤهم قبل الحكم لم يحكم بذلك (١)، وإن بأن بعد الحكم باستيفاء القود وقبل استيفائه لم يستوف قطعًا، وإن بأن بعد استيفائه فعليهم دية ما تلف ويتقسط الغرم على عددهم، وإن بأن خطؤهم قبل الحكم بالمال لغت شهادتهم، ولم يضمنوا، وإن بأن بعد الحكم به نقض حكمه، كما لو شهدوا بموت رجل باستفاضة فحكم الحاكم بقسم ميراثه، ثم بانت حياته،


= أقول: الوليد بن مسلم وابن جريج مدلسان، لكن الوليد صَرَّحَ بالسماع عند غير واحد، بقي ابن جريج فلم يصرح بالسماع.
والحديث رواه محمود بن خالد عن الوليد بن مسلم عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب عن عبد اللَّه بن عمرو: "لم يذكر والد شعيب".
أخرجه النسائي (٨/ ٥٣)، وقال ابن عدي: وجعله من جودة إسناده.
وهذه العلة ذكرها ابن عدي والبيهقي والمزي في "تحفة الإشراف" (٦/ ٣٢٥).
لكن وقع في المطبوع من النسائي بإثبات "عن أبيه" فقال شيخنا الألباني -رحمه اللَّه- ردًا على البيهقي في قوله: إن محمودًا أسقط والد عمرو من الإسناد: "كذا قال، ولعلها رواية وقعت له، وإلا فقد رواه النسائي عنه مثل رواية الجماعة، فقال عقبها: "أخبرني محمود بن خالد:. . . "!!
أقول: ما كان ينبغي الحكم على هذه المسألة بالرجوع إلى النسخة المطبوعة، لأنها لا تخلو من الخطأ.
وقد أعله الدارقطني (٣/ ١٩٦) بعلة أخرى فقال: "لم يسنده عن ابن جريج غير الوليد بن مسلم وغيره يرويه عن ابن جريج عن عمرو مرسلًا عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-".
أقول: وهذا لا يضر إن شاء اللَّه؛ فإن الوليد بن مسلم من الثقات.
وللحديث شاهد مرسل؛ رواه أبو داود (٤٥٨٧): حدثنا محمد بن العلاء: حدثنا حفص: حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز: حدثني بعض الوفد الذين قدموا على أبي قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- فذكر مثله.
أقول: وهذا فيه علتان:
الأولى: جهالة بعض الوفد.
الثانية: الإرسال فإن عبد العزيز هذا يروي عن كبار التابعين.
فهو شاهد قاصر، أما شيخنا الألباني -رحمه للَّه- فقد جعله شاهدًا لحديث عمرو بن شعيب، فقوّاه به، وأودعه في "السلسلة الصحيحة" (٢/ ٢٢٩)!!
(١) في (ت): "لم يحكم به".

<<  <  ج: ص:  >  >>