للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غالب البلاد اليوم اسم للمغشوش، فإذا أقر له بدراهم أو حلف ليعطيه (١) إياها أو أصدقها امرأته (٢) لم يجز للمفتي ولا للحاكم أن يلزمه بالخالصة (٣)، فلو كان في بلد إنما يعرفون الخالصة (٤) لم يجز له أن يلزم المستحق بالمغشوشة.

وكذلك في ألفاظ الطلاق والعتاق فلو جرى عرف أهل بلد أو طائفة في استعمالهم لفظ الحرية في العفَّة دون العتق فإذا قال أحدهم عن مملوكه: "إنه حر"، أو جاريته "إنها حرة" وعادته استعمال ذلك في العفة لم يخطر بباله غيرها لم يعتق بذلك قطعًا، وإن كان اللفظ صريحًا عند من ألِف استعماله في العتق، وكذلك إذا جرى عرف طائفة [في] (٥) الطلاق بلفظ التسميح بحيث لا يعرفون لهذا المعنى غيره فإذا قالت: "اسمح لي"، فقال: "سمحتُ لك" فهذا صريح في الطلاق عندهم، وقد تقدم الكلام في هذا الفصل مشبعًا، وأنه لا يسوغ أن يقبل [تفسير] (٥) من قال: "لفلان عليّ مال جليل أو عظيم" بدانق أو درهم ونحو ذلك، ولا سيما إن كان المفسر (٦) من الأغنياء المكثرين أو الملوك (٧)، وكذلك لو أوصى له بقوس في محلة (٨) لا يعرفون إلا أقواس البندق أو الأقواس العربية أو أقواس الرجل، أو حلف لا يشم الريحان في محل لا يعرفون الريحان إلا هذا الفارسي، أو حلف لا يركب دابة في موضع عرفهم بلفظ الدابة الحمار أو الفرس، أو حلف لا يأكل ثمرًا في بلد عرفهم في الثمار نوع واحد منها لا يعرفون غيره، أو حلف لا يلبس ثوبًا في بلد عرفهم في الثياب القمص وحدها دون الأردية والأزر والجباب (٩) ونحوها، تقيدت يمينه بذلك وحده [في جميع هذه الصور واختصت بعرفه دون موضوع (١٠) اللفظ لغة أو في] (١١) عرف غيره، بل لو قالت المرأة لزوجها الذي لا يعرف التكلم بالعربية، ولا يفهمها: "قل لي: أنت طالق ثلاثًا"، وهو لا يعلم موضوع (١٠) هذه الكلمة فقال لها (١٢)، لم تطلق قطعًا


(١) في (ق): "ليعطينه".
(٢) في المطبوع و (ك): "امرأة".
(٣) في "ق": "ولا الحاكم أن يلزمه الخالصة".
(٤) في (ق): "فلو كان إنما يعرفون بلد الخالصة".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ت).
(٦) في المطبوع تحرفت إلى: "المقر".
(٧) "المغني" (٥/ ١٣٩)، وانظر المسألة في "الإشراف" (٣/ ٨٨ مسألة ٩٤٨). للقاضي عبد الوهاب المالكى وتعليقى عليها.
(٨) في "ق": "محل".
(٩) في (ت): "والجبات".
(١٠) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(١١) في (ت): "موضع".
(١٢) في (ق): "فقالها"!

<<  <  ج: ص:  >  >>