للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصح عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سئل عن مسألة القدر، وما يعمل الناس فيه، أمرٌ قد قُضي وفرغ منه أم أمر يستأنف؟ فقال: بل أمر قد قضي وفرغ منه، فسئل حينئذ: ففيم العمل؟ فأجاب بقوله: "اعملوا فكل ميسرٌ لما خلق له: أما من كان من أهل السعادة فسييسَّر لعمل أهل السعادة، ومن كان من أهل الشقاوة فييسر (١) لعمل أهل الشقاوة"، ثم قرأ قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى} [الليل: ٥] إلى آخر الآيتين (٢)، ذكره مسلم.


= وروى هذا الجزء المختصر: ابن أبي عاصم (٥٢٤) بالإسناد نفسه، والحديث بسياقه المطول ذكره المؤلف -رحمه اللَّه- في "زاد المعاد" (٣/ ٦٧٧) وصححه بإسلوب غريب بعيد عن منهج أهل الحديث فقال: "هذا حديث كبير تنادي جلالته وفخامته وعظمته عن أنه قد خرج من مشكاة النبوة، ورواه أئمة أهل السنة في كتبهم وتلقوه بالقبول وقابلوه بالتسليم والانقياد، ولم يطعن أحد منهم فيه، ولا في أحد من رواته".
ثم ذكر جماعة رووه عن غير من ذكرنا -هم: أبو أحمد العس الذي "المعرفة" وأبو الشيخ في "السنة" وابن منده وابن مردويه وأبو نعيم، وهو ليس في "معرفة الصحابة" لأبي نعيم.
ثم ذكر كلامًا عن ابن منده آخره: "ولا ينكر هذا الحديث إلا جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة".
أقول: ما هكذا تصحح أو تضعف الأحاديث، وكم في كتب من ذَكَر من الأئمة الذين رووا الحديث أحاديث ضعيفة بل واهية جدًا وموضوعة!
وماذا على من أنكر هذا الحديث لأنه مسلسل بالمجاهيل؟ ولماذا يوصف بأنه جاحد أو جاهل أو مخالف للكتاب والسنة؟ وقال عنه الذهبي في "العلو للعلي العظيم" (١/ ٢٧٦) "يروى عن أبي رزين حديث طويل بإسنادين مدنيين، لكنه ضعيف".
وقال العلامة الألباني -رحمه اللَّه- في تعليقه على "السنة": إسناده ضعيف؛ دلهم بن الأسود وجده، قال الذهبي: لا يعرفان، ومثلهما عبد الرحمن بن عياش لم يوثقه غير ابن حبان وفي "التقريب": مقبول، وأبو دلهم كذلك مجهول.
(تنبيه): عزى المصنف الحديث لأحمد!! وكذا وقع في مطبوع "المسند"!! وهو خطأ، والصواب أنه من زيادات عبد اللَّه، كذا وقع في "الزاد" للمصنف (٣/ ٦٧٣) و"فتح الباري" (١١/ ٤٦٦ - ٤٦٧) و"إتحاف المهرة" (١٣/ ٧٥ رقم ١٦٤٤٤) و"مجمع الزوائد" (١٠/ ٣٣٨ - ٣٤٠) والسيوطي في "الدر المنثور" (٨/ ٣٥٦).
(١) في (ك): "فسييسر".
(٢) هو بهذا اللفظ ليس في "صحيح مسلم"، فقد رواه مسلم عن جمع من الصحابة منهم علي بن أبي طالب (٢٦٤٧)، وجابر (٢٦٤٨)، وعمران بن حصين (٢٦٤٩ و ٢٦٥٠)، وبعضها في "صحيح البخاري" أيضًا، وليست بهذا السياق.

<<  <  ج: ص:  >  >>