وقد أعل جماعة هذا الحديث بجهالة مُسَّة أم بَسَّة الأزدية، قال عبد الحق الإشبيلي في "الأحكام الوسطى" (١/ ٢١٨) عقبه: "وقد روي في هذا عن أنس، وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص، وعثمان بن [أبي] العاص؛ عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في النفساء: أنها تقعد أربعين ليلة، وفي بعضها "إلا أن ترى الطهر قبل ذلك"، وهي أحاديث معتلة بأسانيد متروكة، وأحسنها حديث أبي داود". وقال ابن حزم في "المحلى" (٢/ ٢٠٤): "ذكروا روايات عن أم سلمة من طريق مُسّة الأزدية، وهي مجهولة". وقال ابن القطان في "كتابه" -كما في "نصب الراية" (١/ ٣٠٥) -: "وحديث مُسّة أيضًا معلول، فإن مُسّة المذكورة وتكنى أم بَسّة لا يعرف حالها ولا عينها, ولا يعرف في غير هذا الحديث، وأيضًا فأزواج النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يكُنْ منهن نفساء معه إلا خديجة، ونكاحها كان قبل الهجرة، فلا معنى لقولها: "قد كانت المرأة. . . " إلى آخره؛ إلا أن تريد بنسائه غير أزواجه من بناتٍ وقريبات، وسرية عارية، واللَّه أعلم" انتهى كلامه. وبنحو هذا أعلّه ابن رجب في "فتح الباري" (٢/ ١٩٠ - ١٩١)؛ قال: "وفي الباب أحاديث مرفوعة فيها ضعف، ومن أجودها. . . وذكر هذا الحديث". ثم ذكر لفظ أبي داود: "كانت المرأة من نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- تقعد في النفاس أربعين ليلة لا يأمرها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بقضاء صلاة". وقال: "وصححه الحاكم، وفي متنه نكارة؛ فإن نساء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يلد [له] منهن أحد بعد فرض الصلاة، فإن خديجة عليه السلام ماتت قبل أن تفرض الصلاة". وأعله ابن حبان في "المجروحين" (٢/ ٢٢٤ - ٢٢٥) بأبي سهل كثير بن زياد، ومضى كلامه عليه بتمامه قريبًا. ونقل محمد بن عبد الهادي في "التنقيح" (١/ ٦٢٠) أن الدارقطني قال: "مسّة لا تقوم بها حُجَّة"، وهذا ساقط من مطبوع "السنن"، ويؤكد وجوده فيه أن الغساني نقله عنه في "تخريج الأحاديث الضعاف في سنن الدارقطني" (ص ٩٧/ رقم ١٣٩). وكذا نقله الذهبي في "الميزان" (٤/ ١١٣/ رقم ٨٥٣٥ و ٤/ ٦١٠/ رقم ١٠٩٩٦)، وابن حجر في "التلخيص الحبير" (١/ ١٧١)، وقال: "وقال النووي: قول جماعة من مصنِّفي الفقهاء أن هذا الحديث ضعيف مردود عليهم، وقال: أم بسّة مُسّة مجهولة الحال، قال الدارقطني: لا تقوم بها حجة، وقال ابن القطان: لا يعرف حالها". وقال: "وأغرب ابن حبان؛ فضعفه بكثير بن زياد؛ فلم يصب". وقال ابن كثير في "إرشاد الفقيه" (١/ ٨٠) عقب مقولة ابن حبان: "قلت: رجاله كلهم ثقات؛ إلا أنّ مُسّة الأزدية عجوز لا تعرف إلا بهذا الحديث عن أم أسامة، ولم يرو عنها =