للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا ينافي هذا قوله: "إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجرًا كتاب اللَّه" (١) في قصة الرقية لأن تلك جعالة على الطب، فطبَّه بالقرآن، فأخذ الأجرة على الطب لا على تعليم القرآن وهاهنا منعه من أخذ الأجرة على تعليم القرآن، فإن اللَّه تعالى قال لنبيه -صلى اللَّه عليه وسلم-: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا} [الأنعام: ٩٠]، وقال تعالى: {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ} [سبأ: ٤٧]، وقال تعالى: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا} [يس: ٢١]، فلا يجوز أخذ الأجرة على تبليغ الإسلام والقرآن.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- أبو النعمان بن بشير أَنْ يَشهد على غلامِ نَحَله لابنه فلم يشهد، وقال: "لا تُشْهدني على جُور" وفي لفظ: "إن هذا لا يصلح" وفي لفظ: "أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ " قال: لا. قال: "فاتقوا اللَّه وأعدلوا بين أولادكم" وفي لفظ: "فارجعه" وفي لفظ: "اشْهِدْ على هذا غيري" (٢)، متفق عليه، وهذا أمر تهديد قطعًا لا أمر إباحة لأنه سماه جورًا وخلاف العدل وأخبر أنه لا يصلح، "وأمر برده ومحال مع هذا أن يأذن [اللَّه له] (٣) في الإشهاد على ما هذا شأنه، وباللَّه التوفيق.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- سعد بن أبي وقاص -رضي اللَّه عنه- فقال: يا رسول [اللَّه] (٤) قد بلغ بي من الوجع ما ترى، وأنا [رجل] (٣) ذو مال، ولا يرثني إلا ابنة لي أفأتصدق بثُلُثيّ مالي؟ قال: "لا" قلت: فالشَّطر يا رسول اللَّه؟ قال: "لا" قلت: فالثلث؟ قال: "الثلثُ، والثلث كثير، إنك إن تذر ورثتك أغنياءَ خير من أن تذرهم عالة يتكفَّفون الناس، وإِنَّك لن تُنفقَ نفقة تبتغي بها وجه اللَّه إلا أجرت بها حتى ما تجعله (٥) في فِيِّ امرأتك" (٦)، متفق عليه.

وسأله -صلى اللَّه عليه وسلم- عمرو بن العاص فقال: يا رسول اللَّه إن أبي أوصى أن يُعتق عنه مئة رقبة فأعتق ابنه هشام خمسين وبقيت عليه خمسون رقبة أفأعتق عنه؟ فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنه لو كان مسلمًا فأعتقتم عنه أو تصدَّقتم عنه أو حججتم


= والحديث ذكره العلامة شيخنا الألباني في "الإرواء" (٥/ ٣١٦)، و"السلسلة الصحيحة" (٢٥٦) مصححًا له بطرقه، واللَّه أعلم.
(١) رواه البخاري (٥٧٣٧) في (الطب): باب الشروط في الرقية بفاتحة الكتاب، من حديث ابن عباس.
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) ما بين المعقوفتين سقط من (ك).
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من (د).
(٥) في المطبوع: "تجعل" والمثبت من (ك).
(٦) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>