للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وحرمة للملك، فهو أظهر من أن يذكر" (١) وقوله في (٣/ ٥٣٢):

"ولو أوْجَبَ تبديلُ الأسماء والصور تبدُّلَ الأحكام والحقائق لفسدت الديانات، وبُدِّلت الشرائع، واضمحل الإسلام، وأي شيء نَفَعَ المشركين تسميتهم أصنامَهم آلهةً وليس فيها شيء من صفات الإلهية وحقيقتها؟ وأي شيء نَفَعهم تسمية الإشراك باللَّه تقربًا إلى اللَّه؟ وأي شيء نَفَع المعطِّلين لحقائق أسماء اللَّه وصفاته تسميةُ ذلك تنزيهًا؟ وأي شيء نفع الغلاةَ من البشر واتخاذهم طواغيت يعبدونها من دون اللَّه تسمية ذلك تعظيمًا واحترامًا؟ وأي شيء نفع نُفَاة القدر المخرجين لأشرف ما في مملكة الرب تعالى من طاعة أنبيائه ورسله وملائكته وعباده عن قدرته تسمية ذلك عدلًا؟ وأي شيء نَفَعهم نفيهم لصفات كماله تسمية ذلك توحيدًا؟ وأي شيء نفع أعداء الرسل من الفلاسفة القائلين بأن اللَّه لم يخلق السموات والأرض في ستة أيام ولا يحيي الموتى ولا يبعث مَنْ في القبور ولا يعلم شيئًا من الموجودات ولا أرسل إلى الناس رسلًا يأمرونهم بطاعته تسمية ذلك حكمة؟ وأي شيء نفع أهل النفاق تسمية نفاقهم عقلًا معيشيًا وقَدْحَهم في عقل من لم ينافق نفاقهم ويُدَاهن في دين اللَّه؟ وأي شيء نفع المَكَسَة تسمية ما يأخذونه ظلمًا وعدوانًا حقوقًا سلطانية وتسمية أوضاعهم الجائرة الظالمة المناقضة لشرع اللَّه ودينه شرع الديوان؟ وأي شيء نفع أهل البِدَعِ والضلال تسمية شبههم الداحضة عند ربهم، وعند أهل العلم والدين والإيمان عقليات وبراهين؟ وتسمية كثير من المتصوّفة الخيالات الفاسدة والشطحات حقائق؟ فهؤلاء كلهم حقيق أن يتلى عليهم: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} [النجم: ٢٣] ".

وبناءً عليه، ذكر أن المحتال لا يجوز أن يحصل على مقصوده، وفرق بينه وبين المكره واستطرد في ذكر الهازل وحكم عقوده، وفرع عليه حكم نكاحه وأن الشارع رتب عليه حكمًا، لأن "عقد النكاح يشبه العبادات في نفسه" (٢)، وخلص من خلال ما مضى إلى أن "ما جاء به الرسول هو أكمل ما تأتي به شريعة، فإنه -صلى اللَّه عليه وسلم- أمر أن يُقاتل الناس حتى يدخلوا في الإسلام ويلتزموا طاعة اللَّه ورسوله، ولم يُؤمر أن يُنقِّب عن قلوبهم ولا أن يشق بطونهم، بل يُجْرِي عليهم أحكام اللَّه في الدنيا إذا دخلوا في دينه، ويجري أحكامه في الآخرة على قلوبهم ونيّاتهم؛


(١) صدق رحمه اللَّه، ولا أدري ماذا يقول لو رأى الذي رأيناه، ولا قوة إلا باللَّه!
(٢) انظر: (٣/ ٥٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>