للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العمل الباطل، وهؤلاء أصحاب] (١) العلم (٢) الذي لا ينفع والاعتقادات الباطلة، وكلاهما مضاد للهدى ودين الحق، ولهذا مَثَّل حال الفريق الثاني في (٣) تلاطم أمواج [لشكوك و] (٤) الشبهات والعلوم الفاسدة في قلوبهم بتلاطم أمواج البحر فيه، وأنها أمواج متراكمة من فوقها سحاب مظلم، وهكذا أمواج الشكوك والشُّبه في قلوبهم المظلمة التي قد تراكمت عليها سُحُبُ الغَي والهوى والباطل، فليتدبر اللبيبُ أحوال الفريقين، وليطابق بينهما وبين المثلين، يعرف عظمة القرآن وجلالته، وأنه تنزيل من حكيم حميد.

وأخبر سبحانه أن الموجب لذلك أنه لم يجعل لهم نورًا، بل تركهم على الظلمة التي خلقوا فيها فلم يخرجهم منها إلى النور؛ [فإنه سبحانه ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور] (٥)، وفي "المسند" من حديث عبد اللَّه بن عمرو أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن اللَّه خَلَقَ خَلْقَه في ظلمة، وألقى عليهم من نوره، فمن أصابه [من] (٥) ذلك النور اهتدى، ومن أخطأه ضلَّ" (٦) فلذلك أقول: جَفَّ القلم على علم اللَّه، فاللَّه [سبحانه] (٤) خلق الخلق في ظلمة، فمن أراد هدايته جعل له نورًا وجوديًا يُحيي به قلبه وروحه، كما يحيي بدنه بالروح التي ينفخها فيه، فهما حياتان: حياة البدن بالروح، وحياة الروح والقلب بالنور، ولهذا سَمّى سبحانه الوحي روحًا لتوقُّف الحياة الحقيقية عليه، كما قال تعالى: {يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [النحل: ٢]، [وقال: {يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ


(١) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع و (ك).
(٢) في (ق): "العمل" وأشار إلى أنه في نسخة "الباطل".
(٣) في (ق): "و".
(٤) ما بين المعقوفتين سقط من "ق".
(٥) ما بين المعقوفتين سقط من (ق) و (ك).
(٦) رواه أحمد (٢/ ١٧٦ و ١٩٧) والطيالسي (٥٧ - المنحة أو رقم ٢٩١)، والترمذي (٢٦٤٢) في (الإيمان): باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، وابن أبي عاصم (٢٤١ و ٢٤٢ و ٢٤٣ و ٢٤٤)، والآجري في "الشريعة" (ص ١٧٥ ط الفقي أو ٢/ ٧٥٧ رقم ٣٣٧، ٣٣٨ - ط الدميج)، وابن حبان (٦١٦٩ و ٦١٧٠)، واللالكائي (١٠٧٧ و ١٠٧٩)، والحاكم (١/ ٣٠) والفريابي في "القدر" (رقم ٦٦، ٦٧، ٦٨، ٦٩، ٧٠، ٧١) وابن بطة في "الإبانة" (٢/ ١٣٤ رقم ١٣٥)، والبيهقي في "الأسماء والصفات" (١/ ٢٠٣ رقم ٢٢٩)، و"السنن الكبرى" (٩/ ٤) من طرق عن عبد اللَّه بن الديلمي، عن عبد اللَّه بن عمرو، وصححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي (٧/ ١٩٣ - ١٩٤): ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات.
ورواه البزار (٢١٤٥) من طريق يحيى بن أبي عمرو السيباني، عن أبيه عن عبد اللَّه بن عمرو. ووقع في (ك) و (ق): "عبد اللَّه بن عمر".

<<  <  ج: ص:  >  >>