للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سيما (السكينة) منها، فذكر أسبابها وأنواعها، ثم ذكر من بقية الصفات: (العلم) و (الكفاية) و (معرفة الناس)، وتكلم عليها في (٥/ ١٠٦ - ١١٤) بكلام تربويّ علمي تأصيلي، يندر أن تجده عند غيره، واللَّه الموفق.

وذكر في آخر (الفائدة الرابعة والخمسين) وجوب تعظيم حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، قال في (٥/ ١٧٩ - ١٨٠):

"وقد كان السَّلفُ الطَّيِّبُ يشتدُّ نكيرُهم وغضبُهم على مَنْ عارض حديثَ رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- برأي أو قياس أو استحسان أو قول أحد من الناس كائنًا من كان، ويهجرون فاعل ذلك، وينكرون على من يضرب له الأمثال، ولا يسوِّغون غير الانقياد له والتسليم والتلقي بالسمع والطاعة، ولا يخطر بقلوبهم التوقف في قبوله حتى يشهد له عمل أو قياس أو يوافق قول فلان وفلان، بل كانوا عاملين بقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: ٣٦]، وبقوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)} [النساء: ٦٥]، وبقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (٣)} [الأعراف: ٣] وأمثالها، فدفعنا إلى زمان إذا قيل لأحدهم: "ثبت عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال كذا وكذا يقول: من قال بهذا؟! ويجعل هذا دفعًا في صدر الحديث، يجعل جهله بالقائل به حجة له في مخالفته وترك العمل به، ولو نصح نفسه لعلم أن هذا الكلام من أعظم الباطل، وأنه لا يحل له دفع سنن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بمثل هذا الجهل، وأقبح من ذلك عذره في جهله إذ يعتقد أن الإجماع منعقد على مخالفته تلك السنة، وهذا سوء ظن بجماعة المسلمين إذ ينسبهم إلى اتفاقهم على مخالفة سنة رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- وأقبح من ذلك: عذرُه في دعوى هذا الإجماع، وهو جهله وعدم علمه بمن قال بالحديث، فعاد الأمر إلى تقديم جهله على السنة، واللَّه المستعان.

ولا يعرف إمام من أئمة الإسلام ألبتة قال: لا نعمل بحديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حتى نعرف من عمل به، فإن جَهِلَ مَنْ بلغه الحديث مَنْ عَمِل به لم يحل له أن يعمل به، كما يقول هذا القائل".

وفصل في (الفائدة الخامسة والخمسين) -وهي في (عدم جواز إخراج النصوص عن ظاهرها لتوافق مذهب المفتي) - فذكر ذم العلماء للكلام وأهله،

<<  <  ج: ص:  >  >>