للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكان ذا ذهن سيّال، وفكر إلى حل الغوامض ميّال، قد أكبّ على الاشتغال، وطلب من العلوم كلَّ ما هو نفيسٌ غالٍ، وناظر وجادل وجالد الخصوم وعادل، قد تبحّر في العربية وأتقنها، وحرّر قواعدها ومكّنها، واستطال بالأصول، وأرهف منها الأسنة والنُّصُول، وقام بالحديث وروى منه، وعرف الرجال وكلَّ من أُخذ عنه.

وأما التفسير فكان يستحضر من بحاره الزخّارة كلَّ فائدة مِهمّة، ومن كواكبه السيارة كل نيّر يجلو حَنَادس الظُّلمة.

وأمّا الخلاف ومذاهب السلف فذاك عُشه الذي مِنه دَرَج، وغابُه الذي ألفه لَيْثُه الخادر ودخل وخرج.

وكان جريء الجنان ثابت الجأش لا يُقَعقع له بالشنان، وله إقدام وتمكن أقدام، وحظّه موفور" (١)، وقال عنه أيضًا: "وأكب على الطلب، وصنَّف، وصار من الأئمة الكبار في علم التفسير والحديث والأصول، فقهًا وكلامًا والفروع والعربية" (٢).

وقال ابن حجر: "وكان جريء الجنان (٣)، واسع العلم، عارفًا بالخلاف، ومذاهب السلف" (٤)، وقال الشوكاني: "برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، واشتهر في الآفاق، وتبحّر في معرفة مذاهب السلف" ونعته بـ "العلامة الكبير المجتهد المطلق" (٥).

وقال ابن رجب: "وتفقه في المذهب وأفتى وبرع وتفنن في علوم الإسلام، وكان عارفًا بالتفسير لا يجارى فيه، وبأصول الدين وإليه فيهما المنتهى، وبالحديث ومعانيه وفقهه ودقائق الاستنباط منه لا يلحق في ذلك وبالفقه وأصوله وبالعربية وله فيها اليد الطولى وبعلم الكلام والنحو وغير ذلك من كلام أهل


(١) "الوافي بالوفيات" (٢/ ١٩٦).
(٢) "أعيان العصر" (٤/ ٣٦٧ - ٣٦٨).
(٣) نعت الذهبيُّ في "المعجم المختص" (ص ٢٦٩) ابن القيم بقوله: "جريء على الأمور، غفر اللَّه له"! فتعقبه الشوكاني في "البدر الطالع" (٢/ ١٤٣ - ١٤٤) بقوله: "قلت: بل كان متقيّدًا بالأدلة الصحيحة، معجبًا بالعمل بها، غير معوّل على الرأي، صادعًا بالحق، لا يحابي فيه أحدًا، ونعمت الجرأة".
(٤) "الدرر الكامنة" (٣/ ٤٠١) و"أبجد العلوم" (٣/ ١٣٩).
(٥) "البدر الطالع" (٢/ ١٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>