للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوفاء به أحقُّ من الوفاء بكل شرط (١)، وكما صححت السنّة اشتراطَ انتفاع البائع بالمبيع مدة معلومة (٢)، فأبطلتم ذلك، وقلتم: يُخالِف مقتضى العقد، وصححتم الشروط المخالفة [بمقتضى عقد الوقف لعقد الوقف] (٣)؛ إذ هو عقد قُربة مقتضاه التقريب إلى اللَّه تعالى (٤) ولا رَيبَ أن شرط ما يخالف القُربة يناقضه مناقضة صريحة؛ فإذا شرط عليه الصلاة في مكان لا يُصلّي فيه إلَّا هو وحده أو واحدٌ بعد واحد أو اثنان فعدوله عن الصلاة في المسجد الأعظم الذي يجتمع فيه جماعة المسلمين مع قربه (٥) وكثرة جماعته فيتعدَّاه إلى مكان أقل جماعة وأَنقص فضيلة وأقل أجرًا اتباعًا لشرط الواقف المخالف لمُقتضى عقد الوقف خروجٌ عن محض القياس، وباللَّه التوفيق.

يوضحه أن المسلمين مُجمعون على أن العبادة في المساجد من الذِّكر والصلاةِ وقراءةِ القرآن أفضلُ منها عند القبور؛ فإذا منعتم فعلها في بُيوتِ اللَّه سبحانه وأوجبتم على الموقوف عليه فعلها بين المقابر إن أراد أن يتناولَ الوقف [وإلا كان] (٦) تناوله حرامًا كنتم قد ألزمتموه بترك الأحبِّ إلى اللَّه الأنفع للعبد والعدول إلى الأنقص المفضول (٧) أو المنهي عنه مع مخالفته لقصد الشارع تفصيلًا وقصد الواقف إجمالًا فإنه إنما يقصد الأَرْضى [للَّه] (٨) والأحبَّ إليه؛ ولما كان في ظنّه أن هذا أرضى للَّه (٩) اشترط؛ فنحن نظرنا إلى مقصوده ومقصود الشارع، وأنتم نظرتم إلى مجرد لفظه سواء وافق رضا اللَّه ورسوله ومقصوده في


= وأما أثر معاوية وعمرو بن العاص: فرواه عبد الرزاق (١٠٦١٢)، وابن أبي شيبة (٣/ ٣٢٦) من طريق عبد الكريم عن أبي عبيدة بن عبد اللَّه بن مسعود أن معاوية سأل عنها عمرو بن العاص فقال: لها شرطها.
وإسناده صحيح.
عبد الكريم هو ابن مالك الجزري، وهذان الأثران في اشتراط المرأة دارها.
(١) مضى لفظه وتخريجه.
(٢) رواه البخاري (٢٧١٨) في (الشروط): باب إذا اشترط البائع ظهر الدابة إلى مكان مسمى جاز، ومسلم (٧١٥) (ص ١٢٢١) في (المساقاة): باب بيع البعير واستثناء ركوبه، من حديث جابر بن عبد اللَّه.
(٣) بدل ما بين المعقوفتين في (ق) و (ك): "لمقتضى عقد الوقف".
(٤) بدل ما بين المعقوفتين في (ك): "ولا يكون" وفي (ق): "وألا".
(٥) في المطبوع: "مع قدمه".
(٦) في (ق): "سبحانه".
(٧) في (ق) و (ك): "إلى بعض المفضول".
(٨) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٩) في المطبوع: "إرضاء للَّه"، وفي (ك): "رضا للَّه".

<<  <  ج: ص:  >  >>