للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يشرعه- وهو سبحانه لو سكت عن إباحة ذلك وتحريمه لكان [ذلك] (١) عفوًا لا يجوز الحكم بتحريمه وإبطاله؛ فإن الحلال ما أحلَّه اللَّه، والحرام ما حرمه، وما سكت عنه فهو عفو، فكلُّ شَرْط وعَقْد ومعاملة سكت عنها فإنه لا يجوز القولُ بتحريمها؛ فإنه سكت عنها رحمة منه من غير نسيان وإهمال، فكيف وقد صرحت النصوص بأنها على الإباحة فيما (٢) عدا ما حَرَّمه؟

وقد أمر [اللَّه تعالى] (٣) بالوفاء بالعقود والعهود كلها؛ فقال [تعالى] (١): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [المائدة: ١]، وقال: {وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ} [الإسراء: ٣٤]، وقال: {وَالَّذِينَ [هُمْ] (١) لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (٣٢)} [المعارج: ٣٢]، وقال [تعالى] (١): {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا} [البقرة: ١٧٧]، وقال [تعالى] (١): {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ (٢) كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٢، ٣]، وقال؛ {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ (٧٦)} [آل عمران: ٧٦]، وقال: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨] وهذا كثير في القرآن، وفي "صحيح مسلم" من حديث الأعمش، عن عبد اللَّه بن مُرَّة، عن مسروق، عن عبد اللَّه بن عمرو قال: قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "أربعٌ مَنْ كُنَّ فيه كان منافقًا خالصًا، ومَنْ كانت فيه خَصْلةٌ منها (٤) كانت فيه خَصْلةٌ من النِّفاق [حتى يَدَعَهَا] (١): إذا حَدَّث كَذَب، وإذا عَاهَدَ غَدَر، وإذا وعد أخلَفَ، وإذا خَاصَم فَجَر" (٥) وفيه من حديث سعيد بن المُسيَّب، عن أبي هريرة عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "من عَلاماتِ المنافقِ ثلاثٌ وإن صلى وصَامَ وزعم أنه مسلم: إذا حَدَّث كَذَب، وإذا وَعَدَ أخلف، وإذا ائتُمنَ خانَ" (٦)، وفي "الصحيحين" من حديث ابن عمر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: "يُرفعُ لكل غادرٍ لواء يوم القيامة بقدر غَدْرَته، فيُقال: هذه غَدْرَةُ فلان بن فلان" (٧)، وفيهما من حديث عقبة بن عامر عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-: إن أحقَّ


(١) ما بين المعقوفتين سقط من (ق).
(٢) في (ق): "ما".
(٣) في (ق): "سبحانه".
(٤) في (د): "منهن" وفي (ق): "فيه خصله منها كان فيه خصلة".
(٥) هو فيه (٥٨) في (الإيمان): باب خصال الإيمان.
وهو في "صحيح البخاري" أيضًا فقد رواه في (الإيمان): (٣٤) باب علامة المنافق، و (٢٤٥٩) في (المظالم): باب إذا خاصم فجر، و (٣١٧٨) في (الجزية)؛ باب إثم من عاهد ثم غدر من طريق الأعمش به.
(٦) هو فيه (٥٩) (١٠٨ و ١٠٩ و ١١٠) في الإيمان: باب بيان خصال المنافق.
(٧) رواه البخاري (٣١٨٨) في (الجزية): باب إثم الغادر للبر والفاجر، و (٦١٧٧ و ٦١٧٨) =

<<  <  ج: ص:  >  >>