للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير المتأخرين للقرآن]

هل إذا فسر أحد الخلف آيات قرآنية بآيات أُخَر، وكان مقنِعاً مفحِماً، هل نرد تفسيره؛ لأن السلف كان لهم تفسير مخالف لهذا؟

إذا فسر المتأخرون الآية بتفسير لم يتكلم فيه السابقون، وكان لا يخالف، فإنه يؤخذ به، مثل تفسير كثير من الآيات الكونية بما ثبت الآن مما كان مجهولاً من قبل.

أما إذا كان يخالف ما كان عليه السلف مخالفةً واضحة كتفسير (الاستواء على العرش) بـ (الاستيلاء على العرش) ، فهذا يجب أن يُرَدَّ، ولا يجوز قبوله.

السائل: التفسير كان في سورة يوسف بالنسبة ليوسف عليه السلام، حيث قال السلف: إنه كان وزيراً للمالية، وقال المعاصرون: إنه لم يكن وزيراً للمالية وإنما كان هو الملك أو العزيز.

الشيخ: أما العزيز فليس هو العزيز؛ لأن الله قال: {قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ} [يوسف:٥١] .

السائل: ولكن صار فيما بعد هو العزيز.

الشيخ: ربما، فهذه المسألة هل كان ملكاً أو كان وزيراً للمالية فقط، إن نظرنا إلى قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف:٥٥] ، قلنا: إنه وزير مالية.

وإذا نظرنا إلى قول الملك: {ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي} [يوسف:٥٤] قلنا: هو أيضاً مستشار خاص.

وإذا نظرنا إلى تصرفه فيما بعد: {وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ} [يوسف:٦٢] ، وما أشبه ذلك من التصرفات، قلنا: لعله في النهاية صار هو الملك، سواءً بموت العزيز، أو بتخليه عن الملك، والله أعلم.

السائل: عفواً يا شيخ! هو لَمَّا قال: {اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ} [يوسف:٥٥] استدل هذا الرجل المفسِّر المعاصر بأن الخزائن هي: السلطة العليا، واستدل بآيات كثيرة، منها: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [المنافقون:٧] ، {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر:٢١] فاستدل بأنها هي السلطة العليا، وليست مجرد وزارة المالية.

الشيخ: هذا غلط منه؛ لأن قوله: {خَزَائِنُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [المنافقون:٧] مضاف ومضاف إليه، والمضاف ليس هو المضاف إليه، فالسماوات شيء، وخزائنها شيء آخر.

وقوله: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَاّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ} [الحجر:٢١] نفس الشيء، فالمضاف والمضاف إليه شيئان مختلفان.