[حكم تأجير المحلات أو غيرها للبنك أو لمن يقيم بها المحرم]
كنتُ قد أفتيت عن البنك الذي يستأجر المحل الذي لا يوجد من يستأجره غيره، وقلتَ: إن ذلك حلال، وأنا عندي شك، ولا أدري هل الفتوى صحيحة أو غير صحيحة؟!
والله يا أخي أنا أنصحك أنه كلَّما مرَّ عليك شيء يُنسب إليَّ أو إلى غيري من العلماء وأنت تستنكره فكذِّبه، وقل لمن قال لك: أطالبك بصحة نقلك؛ لأنه يُنقل عنا كثيراً خطأ وكذب، ويُنقل عن غيرنا أيضاً.
أما بالنسبة للسؤال فأنا ما قلتُ هذا أبداً.
وأقول: إنه لا يجوز لإنسان أن يؤجر دكانه أو بيته على البنك حتى لو تعطل مائة سنة، لأن الله قال في كتابه العظيم: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة:٢] ، وتأجير المحلات للبنوك تعاونٌ على الإثم والعدوان، وإذا كان قد ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه (لعن آكلَ الربا، ومُوْكِلَه، وشاهدَيه، وكاتبَه) مع أن الشاهدَين والكاتب ليس لهم مصلحة إلا تثبيت الربا، فقد لعن الجميع وقال: (هم سواء) .
فخذ مني الآن: أنه لا يجوز أن تؤجَّر الأماكن على البنك؛ لأنه إنما وُضِع للربا، وهذا أصل وضعه، صحيحٌ أنه قد يكون له معاملات أخرى مباحة؛ لكن هو أصلاً مؤسَّسٌ للربا.
فبلِّغ الذي نقل عني هذا وقل: إني سألتُ فلاناً، فقال: هذا ليس بصحيح، ولا يجوز أن تؤجر البيوت أو الدكاكين لهذه البنوك حتى وإن تعطَّل مائة سنة.
السائل: حسناً -يا شيخ-! إذا أجَّرنا للبنك ففلوس البنك تكون حراماً، ولكن أي بنك من البنوك يا شيخ؟! الشيخ: البنوك الربوية معروفة.
السائل: وإذا أجَّرنا لحلاقين ودكاكين شرب الدخان؟! الشيخ: كل شيء تؤجره لمحرم فأنت شريك صاحبه في الإثم، وهو حرام عليك، حتى تأجير المكان للحلاق الذي يحلق اللحية حرام؛ لكن لو أجرته لحلاق على أنه يحلق الرءوس، ثم رأيته يحلق اللحى، فهذا الإثم عليه هو؛ لأن هناك فرقاً بين من استأجر الشيء ليعصي الله فيه وبين من استأجره فعصى الله فيه.
أفهمتم؟! هناك فرق بين من استأجر الشيء ليعصي الله فيه وبين من استأجره فعصى الله فيه.
فمثلاً: لو استأجر هذا الإنسان دكاناً للربا، فهذا حرام، وكذلك لو استأجره ليبيع فيه دخاناً، وكان يعرف المؤجر أنه استأجره ليبيع الدخان فيه، فهذا حرام أيضاًَ.
لكن لو استأجره لغرض مباح، ثم باع الدخان فيه، أو رابَى فيه، فليس عليه منه شيء.
السائل: وإذا اشترط في العقد؟ الشيخ: اشترط ماذا؟ السائل: أن لا يبيع فيه دخاناً أو ما شابهه؟ الشيخ: هذا طَيِّبٌ.
السائل: وهل له فسخ العقد؟ الشيخ: نعم.
له فسخه، فإذا اشترط عليه إذا أجَّره الدكان للحلاقة أن لا يحلق في لحيةً، ثم حلق، فله الفسخ.