للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الاقتصار على توحيد الربوبية في الدعوة]

ما حكم من يقتصر في دعوته للناس على توحيد الربوبية ولا يتكلم عن أنواع التوحيد الأخرى، ويتكلم في فضائل الأعمال، وعندما يناقش في ذلك يقول: الناس لا يستفيدون من كلامكم في التوحيد، ونحن نريد أن ندل الناس على الحسنات، ونريد أن ندل الناس على أبواب الخير، فما قولكم في هذا؟

الذي يقتصر على تقرير توحيد الربوبية دون توحيد الألوهية والأسماء والصفات لا شك أنه قاصر أو مقصر، فتوحيد الربوبية لا يغني عن توحيد الألوهية، ولو كان يغني عن توحيد الألوهية لم يقاتل النبي صلى الله عليه وسلم المشركين في عهده؛ لأن المشركين في عهده كانوا يقرون بتوحيد الربوبية، قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزخرف:٨٧] وقال تعالى {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} [الزمر:٣٨] فهم يقرون بالربوبية ويعلمون أن الله عز وجل رب واحد لا شريك له، لكن لا يقرون بتوحيد الألوهية، فكانوا يقولون: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} [ص:٥] .

فلا بد من تقرير توحيد الربوبية، وتقرير توحيد الألوهية، وتقرير توحيد الأسماء والصفات عند الحاجة إليه.

لا بد من هذا.

وفضائل الأعمال لا شك أن ذكرها يثير النفس ويرغبها في الأعمال الصالحة، لكن إذا كان الإنسان لديه أعمال صالحة، وكان مخلاً بالتوحيد فعلى أي شيء يبني أعماله الصالحة؟! التوحيد هو الأساس، ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم لـ معاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه إلى اليمن: (وليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله) ، فلا بد من تقرير وتحقيق توحيد الربوبية وتقرير وتحقيق توحيد الألوهية، أرأيت لو أن شخصاً يؤمن بربوبية الله عز وجل إيماناً كاملاً لكنه يسجد للصنم أو للولي، هل نقول: هذا موحد؟ لا.

نقول: هذا مشرك، قد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار.