قال تعالى:{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ}[عبس:١٢] أي: فمن شاء ذكر ما نزل من الموعظة فاتعظ ومن شاء أن يتعظ؛ لقول الله تعالى:{وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}[الكهف:٢٩] فالله سبحانه وتعالى جعل للإنسان الخيار قدراً، وأما شرعاً فلا، جعل له الخيار بين أمرين: أن يسلم أو يكفر، أما شرعاً فلا؛ فإنه {َلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ}[الزمر:٧] ، وليس الإنسان مخيراً شرعاً بين الكفر والإيمان، بل هو مأمور بالإيمان، والإيمان مفروض عليه، لكن من حيث القَدَر هو مخير، وليس كما يزعم بعض الناس أنه مسير مجبر على عمله، بل هذا قول مبتدع ابتدعه الجبرية من الجهمية وغيرهم، فالإنسان في الحقيقة مخير، ولذلك إذا وقع الأمر بغير اختيار الإنسان مثل أن يكون مكرهاً فلا عبرة بفعله.
والمهم أن الله يقول:{فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ}[عبس:١٢] أي: ذكر ما نزل من الوحي فاتعظ به، يعني: ومن شاء لم يذكره، والموفق من وفقه الله عز وجل.