إذاً:(الزوجين) أي: الصنفين، ثم بين هذين الصنفين، فقال:{الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى}[النجم:٤٥] من مادة واحدة (من نطفة) وهي المني، (إذا تمنى) أي: تراق وتصب في رحم المرأة، فالله عز وجل خلق هذين الصنفين المختلفين خلقة، المختلفين مزاجاً، المختلفين عقلاً، المختلفين فكراً من شيءٍ واحد، من نطفة، ولهذا قال الله تبارك وتعالى في آخر سورة القيامة:{فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}[القيامة:٣٩-٤٠] ؟
بلى.
فالله تعالى خلق الزوجين الذكر والأنثى من شيء واحد، وهذا يدل على كمال قدرته جل وعلا، إذ أنه خلق صنفين مختلفين في كل الأحوال، حتى في القوى البدنية يختلف الرجل عن المرأة، والعقلية والفكرية والتنظيمية يختلف الذكر عن الأنثى، وبذلك نعرف ضلال أولئك القوم الذين يريدون أن يلحقوا المرأة بالرجل في أعمالٍ تختص بالرجل، فإنهم سفهاء العقول، ضلال الأديان، وكيف يمكن أن نسوي بين شيئين أو بين صنفين فرق الله بينهما خلقة وشرفاً؟!! هناك أحكام يطالب بها الرجل ولا تطالب بها المرأة، وأحكام تطالب بها المرأة ولا يطالب بها الرجل، وأما قدراً وخلقة فالأمر واضح، لكن هؤلاء الذين لم يوفقوا وسلب الله عقولهم وأضعف أديانهم يحاولون الآن أن يلحقوا النساء بالرجال، وهذه لا شك أنها فكرة خاطئة مخالفة للفطرة مخالفة للطبيعة، كما أنها مخالفة للشريعة أيضاً.
{مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى}[النجم:٤٦] ما معنى تمنى؟ أي: تصب وتراق في الرحم، ومنه سمي المكان الذي حول مكة منى قال العلماء: لأنها تمنى فيه الدماء؛ لأن الهدي يذبح يوم العيد في منى، فتراق فيه الدماء؛ ولذلك سمي هذا المكان باسم ما يحدث فيه.