للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[تفسير قوله تعالى: (وأذنت لربها وحقت)]

قال تعالى: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق:٢] (وأذنت) بمعنى: استمعت وأطاعت أمر ربها عز وجل أن تنشق؛ فانشقت مع أنها كانت كما وصفها الله تعالى سبعاً شداداً قوية، كما قال تعالى: {وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات:٤٧] أي: بقوة، وقال: {وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً} [النبأ:١٢] فهذه السماء القوية العظيمة تنشق يوم القيامة وتنفرج بإذن الله سبحانه وتعالى، {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق:٢] أي: وحق لها أن تأذن -أي: تسمع وتطيع- لأن الذي أمرها ربها وخالقها عز وجل، فتسمع وتطيع؛ كما أنها سمعت وأطاعت في ابتداء خلقها، قال الله تبارك وتعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ} [فصلت:١١] .

فتأمل أيها الآدمي البشر الضعيف كيف كانت هذه المخلوقات العظيمة تسمع وتطيع لله عز وجل بهذه الطاعة العظيمة في ابتداء الخلق وفي انتهاء الخلق، ثم قال: {وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ} [الانشقاق:٢] تأكيداً لاستماعها لربها وطاعتها له.