[حكم صلاة الجمعة على من يبعد عن المسجد ولا يسمع النداء]
جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن الجمعة على مَن سمع النداء، ويقول الإمام أحمد: إن الجمعة تجب على مَن يبعد عن المسجد بفرسخ فما دون، فما هو الفرسخ؟ وهل مَن يبعُد عن المسجد بأكثر من فرسخ أو لا يسمع النداء لا تجب عليه الجمعة؟
يقول الله عز وجل:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة:٩] ، والجمعة لا تقام إلا في مكان واحد من البلد، مضى على ذلك عَهْدُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، ولم تُعَدَّد الجُمَع في بلد واحد إلا في القرن الثالث أي: مضى على الأمة الإسلامية مائتا سنة وهم يصلون في مكان واحد.
وإذا كان الإنسان في البلد الذي تقام فيه الجمعة وجبت عليه الجمعة، ولو كانت بينه وبينها فراسخ، ما دام في البلد، وسواء كان يسمع النداء أو لا يسمعه؛ لأن المسجد هذا لكل أهل البلد.
أما إذا كان خارج البلد -أي: في ضواحي البلد- فهذا هو الذي قاله الإمام أحمد: ليس بينه وبين المسجد أكثر من فرسخ.
والفرسخ: ثلاثة أميال.
وإنما قلتُ لك: إنه مضى على هذه الأمة الإسلامية مائتا سنة ولم تُعَدَّد الجُمَع في المساجد وذلك من أجل أن تنتبه لما يفعله الناس اليوم حيث يعَدِّدون الجُمَع، حتى أصبحت في بعض البلاد كأنها صلاة عادية؛ كأنها صلاة ظهر تقام في كل مسجد، وهذا ليس في بلادنا والحمد لله؛ لكن في البلاد الأخرى، وهذا خطأ، فإن من حكمة الشرع أن يجعل لمعتنقي الشرع يوماً في الأسبوع يجتمعون فيه، ويصدرون عن إمام واحد، وعن رأي واحد، فإذا تعدَّدت الجُمَع زالت هذه الحكمة.