[الجمع بين قوله تعالى:(إنهم كانوا قبل ذلك محسنين) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)]
فسر بعضُهم قولَ الله تعالى في سورة الذاريات:{إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}[الذاريات:١٦] قالوا: المحسنون: هم الذين أحسنوا إلى الله سبحانه وتعالى، وأحسنوا إلى الناس، فكيف نوفِّق بين قول الرسول صلى الله عليه وسلم من حديث عبد الله بن عمر:(المسلم مَن سَلِم المسلمون مِن لسانه ويده) وبين الآية؟ وهل يكون هذا التعريف الذي في الحديث هو للإسلام الخاص؟ الشيخ: لم أفهم وجه الإشكال! السائل: يا شيخ! الذي يحسن إلى العباد ويحسن إلى رب العباد هل يكون مطبقاً لهذا الحديث السابق، ويكون إسلامه إسلاماً خاصاً فقط؟ الشيخ: قوله تبارك وتعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ}[الذاريات:١٦] الإحسان في هذه الآية: إما في عبادة الله، وإما في معاملة عباد الله.
فالإحسان في عبادة الله: بيَّنه الرسول عليه الصلاة والسلام، وقال:(أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك) .
والإحسان في معاملة الخلق: فسَّره النبي صلى الله عليه وسلم أيضاً بقوله: (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) .
وقوله عليه الصلاة والسلام:(من أحب أن يزَحْزَح عن النار ويُدْخَل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتَى إليه) ، فهذا هو الإحسان في معاملة الخلق.
والإحسان في الآية الكريمة: ذَكَرَ الله تعالى صنفاً منه ونوعاً منه في قوله: {كَانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}[الذاريات:١٧-١٨] إلى آخر الآيات، فالمهم أن الإحسان يكون في عبادة الله، ويكون في معاملة عباد الله.
أما قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم:(المسلم مَن سَلِم المسلمون مِن لسانه ويده) فهذا هو الإحسان في معاملة الناس.