هذا من المعتزلة؛ المعتزلة يرون أنه لا يمكن أن يتلبس الجني بالإنسي، لكن هذا قول يكذبه القرآن والسنة، قال الله تبارك وتعالى في المرابين:{الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ}[البقرة:٢٧٥] والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وأوتي عليه الصلاة والسلام بمصروعٍ فقرأ عليه، وأمر الجني أن يخرج منه.
وأما الواقع فهو مشاهد أن الجني يتلبس بالإنسي ويؤثر عليه يمرضه ويخيفه ويزعجه ويقلق فكره، حسب تسلط الجني على الإنسي، وإنني بهذه المناسبة أود أن يستعمل المسلمون شيئين: الشيء الأول: الاعتماد على الله عز وجل، وأن يعتقدوا أن توكلهم على الله فوق قوة الجن، وأن الجن أذلاء أمام ذكر الله، كما قال تعالى: {مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ) [الناس:٤] الذي يخنس عن ذكر الله.
الشيء الثاني: أن يكثروا من الأوراد التي تحميهم وتحفظهم، كقراءة آية الكرسي، فإن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطانٌ حتى يصبح.
أما أن ينخنعوا أمام هذه الوساوس والهواجيس فإن ذلك سيزيده، والشيطان ربما يجس قلب الإنسان، فإذا رآه جباناً خواراً تسلط عليه، وإن رآه سوى ذلك أبعد عنه، أليس الشيطان يفر من عمر بن الخطاب ويخاف، وإذا سلك طريقاً سلك الشيطان طريقاً آخر؛ لأنه قوي القلب، ونحن نعلم أن أبا بكر مثله أو أقوى، ونعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام فوق ذلك.
على كل حال: أنا أوصي إخواني بهذين الأمرين: الاعتماد على الله، واعتقاد أن الجن أذلة، وأن الإنس أكرم عند الله منهم، وكذلك استعمال الأوراد الواقية حصن حصين، أنت لو أحسست بخوف ألست تستأجر الحراس عند بيتك وفي ممشاك؟ بلى، إذاً استعمل الحراسة التي لا طاقة للبشر بها، وهي: ذكر الأوراد التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.