وإنما أبهمها الله عز وجل لفائدتين عظيمتين: الفائدة الأولى: بيان الصادق في طلبها من المتكاسل؛ لأن الصادق في طلبها لا يهمه أن يتعب عشر ليالٍ من أجل أن يدركها، والمتكاسل قد يكسل ويقول: ما دام لا أدري أي ليلة هي يكسل أن يقوم عشر ليالي من أجل ليلة واحدة.
الفائدة الثانية: كثرة ثواب المسلمين بكثرة الأعمال، لأنه كلما كثر العمل كثر الثواب.
وبهذه المناسبة: أود أن أنبه إلى غلط كثير من الناس في الوقت الحاضر حيث يتحرون ليلة سبع وعشرين في أداء العمرة، فإن في ليلة سبع وعشرين تجد المسجد الحرام قد غص بالناس وكثروا، وتخصيص ليلة سبع وعشرين بالعمرة من البدع، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخصصها بعمرة في فعله، ولم يخصصها أي: ليلة سبع وعشرين بعمرة في قوله، فلم يعتمر ليلة سبع وعشرين من رمضان مع أنه كان في عام الفتح ليلة سبع وعشرين من رمضان كان في مكة ولم يعتمر، ولم يقل للأمة: تحروا ليلة سبع وعشرين في العمرة أو بالعمرة، وإنما أمر أن نتحرى ليلة سبعٍ وعشرين بالقيام فيها لا بالعمرة، وبه يتبين خطأ كثير من الناس.
وبه أيضاً: أن الناس ربما يأخذون دينهم كابراً عن كابر على غير أساس من الشرع، فاحذر أن تعبد الله إلا على بصيرة، بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أو عمل الخلفاء الراشدين الذين أمرنا باتباع سنتهم.
وبهذا انتهى الكلام على سورة القدر، نسأل الله تبارك وتعالى أن يبلغنا وإياكم إياها في هذا العام وفيما بعده على خير وسلام، وأن يتقبل منا ومنكم إنه على كل شيء قدير.