ينبغي للصائم أن يكون صومه صوماً حسياً وصوماً معنوياً، الصوم الحسي عن المفطرات، والصوم المعنوي عن المنكرات، أن يمسك عن المنكرات في حال صومه، وأن يقوم بالواجبات لأن هذه هي الحكمة من وجوب الصوم كما قال الله عز وجل:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}[البقرة:١٨٣] وقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) .
والكثير من الناس اليوم وقبل اليوم يصومون الصوم الحسي ولا يصومون الصوم المعنوي، فتجده يصوم ولكنه لا يمسك عن المنكرات التي كان يفعلها في حال فطره، فيغتاب الناس ويسبهم ويعتدي عليهم بأكل الأموال وهضم الحقوق وما أشبه ذلك، وهذا لم يصم صوماً معنوياً، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يفسق، وإن أحد سابه أو شاتمه فليقل: إني امرؤ صائم) يعني: ولا يرد عليه، ليقل: إني امرؤ صائم، أحدهم رفع صوته عليك وسبك فلا ترد عليه؛ لأنك إن رددت عليه زاد وإذا زاد زدت أنت، ثم تبقيان في خصومة، لكن إذا قلت: إني صائم.
فإنك تخجِّله وتبين له أنه لولا الصيام لرددت عليه، وأنك لم تترك الرد عليه لعجزك ولكن لأنك صائم.
بعض الناس يصوم الصوم الحسي ولكن لا يصوم الصوم المعنوي، تجده إذا تسحر نام إلى الغروب، هل هذا صائم؟ صائم صيام بهيمة عن الأكل والشرب وبقية المفطرات لكنه لم يصم صوم أهل التقوى الذين يصومون عما حرم الله، بل إني في شك من قبول صيام هذا الرجل لأنه ترك الصلاة في وقتها عمداً، وقد قال بعض العلماء: إن من ترك صلاة واحدة عمداً حتى خرج وقتها فقد كفر وارتد.
نسأل الله العافية.
وينبغي للصائم أن يكثر من العبادات: من قراءة القرآن والتسبيح والتكبير والتحميد والصدقات وغيرها مما يقرب إلى الله تبارك وتعالى، حتى إذا خرج رمضان خرج على حال ليس عليها قبل رمضان، يخرج ملتزماً متقياً ربه، لأنه تمرن على هذا شهراً كاملاً، وإنني بهذه المناسَبَة أدعو إخواننا الذين ابتلوا بشرب الدخان: أن ينتهزوا الفرصة في رمضان، فيمسكوا عن شربه؛ لأنهم في النهار لن يشربوا وفي الليل يتلهون عن الشرب، فإذا مضى عليهم شهر كامل؛ فإن ذلك سوف يؤثر فيما خالط دماءهم من مضار الدخان ويسهل عليهم تركه، فهي فرصة في الواقع لا ينبغي أن تفوت.
أسال الله تعالى للجميع التوفيق لما فيه الخير والصلاح إنه على كل شيء قدير.