فضيلة الشيخ! شخصٌ يدَّعي هو وأمه نسبةً لأبيه، والأب ينفي هذا الابن، فهل إجراء تحاليل في المستشفى بين الأب والابن تثبت نسبة الابن للأب؟
والله يا أخي! هذه ترجع للقاضي، المسألة ليست هينة، فإذا ادعى أنه ليس ولدها، فإما أن يقذفها بالزنا، وإما أن يدعي أنها مبضوعة بشبهة، وعلى كل حال، فلابد من إجراء الملاعنة بينه وبين الزوجة.
السائل: وإجراء التحاليل في المستشفى؟ الشيخ: لا ينفع أبداً، لا بُدَّ من الذهاب إلى المحكمة، فهذه لا يمكن أن يحلها إلَاّ قاضٍ شرعي، وأولاً: أن يقال للزوج: ليس لك الحق في أن تتبرأ من الابن، حتى لو فُرِض أنه خالف لونه لونك، أو خالف رسم وجهه رسم وجهك، لا يجوز أن تتهم المرأة بهذا، ودليل ذلك، أن رجلاً جاء إلى الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وقال:(يا رسول الله! إن امرأتي ولدت غلاماً أسوداً! .
) كأنه يريد أن يسأل ما السبب! وقد يكون في نفس الرجل حرجٌ من زوجته، أو اتهام، فيحتمل أنه سأل الرسول لأجل أن يبين له وجه ذلك، ويحتمل أنه سأل الرسول لأنه شاك في زوجته، وعلى كل تقدير، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال له مبرهناً أن ذلك ممكنٌ ومطَمْئِناً قلبه قال:(هل لك من إبل -لأن الرجل كان بدوياً فيما يظهر- قال: نعم، قال: ما ألوانها؟ قال: حمر، قال: هل فيها من أورق -والأورق الذي فيه شعرة بيضاء، وشعرة سوداء مختلطة كأنه الوَرِق أي: الفضة- قال: نعم، قال: من أين أتى؟ -كيف تقول: هي حمر، وهذا أورق؟ - قال: لعله نزعه عرق -يعني: ربما يكون أحد آبائه وأمهاته السابقات بهذا اللون- قال: فابنك هذا لعله نزع عرق) ، فاطمأن الرجل.
فقل لهذا الزوج -إن كنت تعرفه- فليتق الله، ولا يتهم الزوجة بهذا، والولد ولده، والحمد لله، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:(الولد للفراش، وللعاهر الحجر) أي: لو تنازع الزاني والزوج في الولد، وقال الزوج: هو ولدي، وقال العاهر: هو ولدي، فالولد للفراش.
السائل: لكن يا شيخ! القاضي لا يستند إلى هذه التحاليل؟ الشيخ: نتهم القاضي، ما الذي يحولهم عليه؟ لكن أولاً الخطوة الأولى: أن تقول للرجل هذا: اتق الله، ولا تتهم الزوجة، والولد ولدك، وليس فيه إشكال، فإن أصر على أن ينفيه، فلابد من الرجوع إلى المحكمة.