للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الإعداد للجهاد]

هل الإعداد للجهاد فرض عين أم فرض كفاية؟

الإعداد للجهاد ومباشرة الجهاد فرض كفاية، فلو وجدنا مثلاً أمة تستعد للجهاد في سبيل الله، وعندها ما يكفي صار في حق الآخرين سنة وليس بواجب، وإذا لم يوجد أحدٌ أَثِمَ الجميع في عدم الإعداد وعدم الجهاد.

لكن الأمر -كما ترى- في الوقت الحاضر ليس هناك صِدْقٌ مع الله، لا بالنسبة للناس، ولا بالنسبة لحكام الناس.

فأما الناس فتجدُ عامتهم وأكثرَهم غافلين عن هذا إطلاقاً، وليس عندهم استعداد، فهم في غفلة؛ بل لم يحصل منهم حتى جهاد أنفسهم عن محارم الله.

وأما الحكام فكما ترى، هم أيضاً غافلون عن هذا نهائياً، ولذلك أصبحت الأمة الإسلامية الآن أمةً ممزقة متفرقة، وأصبح الكفار هم الذين لهم السيطرة على العالم، ولا يمكن أن يكون لنا سيطرة على العالم وعلى الكفار إلا بالرجوع إلى الدين الذي بعث الله به محمداً صلى الله عليه وسلم وتطبيقِه عقيدةً وقولاً وعملاً؛ في عبادة الله، وفي معاملة عباد الله، ولهذا لَمَّا قال أبو سفيان لـ هرقل ما يعلمه من صفات الرسول عليه الصلاة والسلام ومعاملته، قال له هرقل: [إن كان ما تقولُه حقاً فسيملك ما تحت قدمي هاتين] .

فنحن الآن في حال يُرْثَى لها في الواقع، نسأل الله تعالى أن يعيد للأمة الإسلامية مجدها.

السائل: هل للإنسان إذا توفرت له الفرصة للإعداد، وأعد نفسه للجهاد بالسلاح، هل يصير الجهاد في حقه فرض عين؟ الشيخ: هو فرض كفاية؛ لا يكون الجهاد فرض عين إلا في أحوالٍ معينة عيَّنها العلماء: الأولى: إذا حضر الصف: لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال:١٥-١٦] ، وأخبر النبي عليه الصلاة والسلام أن التولي يوم الزحف من الموبقات.

الثانية: إذا حاصر بلدَه العدو: فلا بد أن يدافع لفك الحصار عن بلده، وفي هذه الحال قال العلماء: إنه يكون فرض عين؛ لأن هذا كتقابل الصفَّين.

الثالثة: إذا استنفره الإمام: فلو قال: يا فلان اخرج، صار فرض عين، ولا يجوز أن يقول: مُرْ غيري، بل يجب أن يطيع.

الرابعة: إذا دَعَت الحاجة إليه بعينه: مثل أن يكون عارفاً بنوع من السلاح، ولا يستخدمه إلا مثلُه، فهنا يتعين عليه أن يباشِر القتال بهذا السلاح الذي لا يعرفه إلا هو.

هذه الأحوال الأربع هي التي ذكر العلماء أن الجهاد يكون فيها فرض عين، وما عدا ذلك فإنه فرض كفاية.

ثم إن كونه فرض كفاية أو فرض عين لا بد لها من شروط، أهمها: القدرة، فإن لم يكن عند الإنسان قدرة فإنه لا يُلْقِي بنفسه إلى التهلكة، قال الله تعالى: {وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة:١٩٥] .