قال تعالى:{كَلَّا لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ}[العلق:١٩] يقال في (كلا) ما قيل في الأولى التي قبلها، والخطاب في قوله:(لا تطعه) أي: لا تطع هذا الذي ينهاك عن الصلاة، بل اسجد ولا تبال به، فإذا كان الله نهى نبيه أن يطيع هذا الرجل، فهذا يعني أنه جل وعلا سيدافع عنه، أي: افعل ما تؤمر ولا يهمنك هذا الرجل، واسجد لله عز وجل، والمراد بالسجود هنا: الصلاة؛ لكن عبر بالسجود عن الصلاة؛ لأن السجود ركن في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، فلهذا عبر به عنها، وقوله:{وَاقْتَرَبَ}[الأنبياء:٩٧] أي: اقترب من الله عز وجل؛ لأن الساجد أقرب ما يكون من ربه، كما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم حيث قال:(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) وقال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعاً أو ساجداً، فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فأكثروا من الدعاء فقمن أن يستجاب لكم) أي: حري أن يستجاب لكم.
هذه السورة العظيمة كما سمعناها سورة عظيمة ابتدأها الله تعالى بما منَّ به على رسوله عليه الصلاة والسلام من الوحي، ثم اختتمها بالسجود والاقتراب من الله عز وجل.
نسأل الله تعالى أن يرزقنا وإياكم القيام بطاعته والقرب منه، وأن يجعلنا من أوليائه المتقين، وحزبه المفلحين، وعباده الصالحين، إنه جوادٌ كريم.