للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[من تقوى الله: الحرص على هداية عباد الله]

ومن تقوى الله سبحانه وتعالى أن تحرص غاية الحرص على هداية عباد الله: وذلك بنشر العلم الصحيح المأخوذ من كتاب الله وسنة الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

وأن تبين لهم طريقة الصحابة والتابعين لهم بإحسان.

وأن ترشد الناس إلى ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، من قوله: (مِن حُسْن إسلام المرء تركُه ما لا يعنيه) ، أي: ما لا يهمه.

فإذا رأيت الإنسان كادحاً إلى الله عزَّ وجلَّ، مشتغلاً بما يهمه عما لا يهمه، وليس له هم إلا ما يقرب إلى الله، فاعلم أن ذلك من حسن الإسلام.

وإذا رأيت إنساناً يهتم بأمور لا حاجة إليها، وليس معنياً بها، وأن أكثر أوقاته في القيل والقال، وكثرة السؤال، فاعلم أن ذلك من نقص إسلامه، ومِن ثَمَّ (نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن قيل وقال، وكثرة السؤال) ؛ لأن ذلك يضيع الوقت.

وإذا مُرِضَ الإنسان بهذا المرض ضاع عليه وقته، فصار يجلس إلى هذا ويقول: ما الذي حدث؟! ماذا قال فلان؟! وماذا قال فلان؟! ثم إلى الثاني ويقول له كذلك، ثم إلى الثالث، والرابع، وهكذا يضيِّع أوقاتَه، وأوقاتَ غيره.

ولكن ينبغي للإنسان أن يسير على ما يهمه ويعنيه، ولا بأس أن يسأل إذا دعت الحاجة إلى السؤال عما حدث، وعما يكون في المجتمع، من أجل مداواته، وإزالة المرض، لا من أجل أن يشمت بالغير، أو أن يجعل ذلك مثاراً للشقاق والنزاع، كما يوجد من بعض الناس الآن؛ حيث أن بعض الناس له نية طيبة، لا يُتَّهَم؛ لكنه مسكينٌ ابتُلي بهذا المرض وهو أن لا يكون له هَمٌّ إلا القيل، والقال، وماذا قال فلان؟! وماذا قال فلان؟! وماذا قالت الطائفة الفلانية؟! وماذا قالت الطائفة الفلانية؟! لا لأجل أن يداوي المرض ويزيل الشقاق؛ ولكن ليشمت، أو ليقول كما يقول الصبيان: أنت مع هؤلاء أم مع هؤلاء؟! فلم نعهد هذا التجمُّع والتحزُّب إلا عند الصبيان.

لذلك أوصيكم بالتخلي نهائياً عن هذه الأمور؛ لأنه لا يخدم المصلحة، بل يضيع الأوقات، ورسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال، وعن إضاعة الوقت في القيل والقال، وكثرة السؤال.