شخص هداه الله سبحانه وتعالى وله أصدقاء سوء يتحجج لهم أنه ليس في البيت أحد، وأنه مشغول، ويخشى على نفسه أن يكون كذاباً بهذه الطريقة؟
هذا الذي مَنَّ الله عليه بالهداية وله قرناء السوء يتعذر لهم إذا جاءوا إليه بأنه مشغول، لا حرج عليه إذا فعل ذلك وينوي بقوله مشغول، فإن كل إنسان مشغول بالذكر، مشغول مع الأهل، مشغول بإصلاح البيت، أو نحو ذلك، ويتأول في هذه الحال ولا بأس عليه؛ لأنه يريد أن يسلم من شرهم ولكن هناك شيء أحسن من هذا: أن يدخلهم ويعرض عليهم الهداية، يدعوهم للهدى ويقول لهم مثلاً: الحمد لله أن هداني الله عز وجل ووجدت أن الهداية نور وانشراح صدر وأنس وطمأنينة، وأنا كنت مثلكم في السابق لكن وجدت الخير والهداية فاعملوا لهذا الخير.
يدعوهم فربما يهتدون، وإذا لم ير منهم استجابة فبإمكانه أن يزور أحدهم زيارة خاصة في البيت ويدعوه؛ لأنك إذا عجزت عن الجمع فعليك بالأفراد، وهذا من الحكمة؛ لأن الجمع إذا كان جميعاً قد يكون بعضهم يقوي الجانب الآخر على عدم القبول ويبقون على ما هم عليه، لكن إذا جئتهم واحداً واحداً استجاب لك الواحد تلو الآخر، مثلما صنعت قريش في نقض الصحيفة التي اتفقوا على أن يقاطعوا بني هاشم حتى حاصروهم في شعب أبي طالب -ويمكن قرأتم ذلك في كتب السيرة- قام بعض الناس منهم وقالوا: لا يمكن فبنو هاشم منا، ومن أشرافنا، فكيف نجعلهم محصورين في الشعب، فبدأ يذهب كل شخص على انفراد، يقول: انقض الصحيفة، تخلّ عن هذا، حتى تخلوا عنها.
فهذا خير إذا كان يتمكن من إصلاحهم وهدايتهم، وهو الأولى، أما إذا لم يتمكن فلا بأس أن يقول: أنا مشغول، أو يقول لأهل البيت إذا عرف أنهم هم: قولوا: فلان غير موجود.
فهذا يجوز إذا نوى أنه غير موجود بأحد حجرات البيت، وهو كذلك في الحقيقة وإن كان موجوداً بغرفة أخرى.