أتينا من الطائف وقد أدينا صلاة الظهر والعصر أربعاً قبل دخول المنطقة بعشرين كيلو، وقد أفتانا بذلك رجل كان معنا فما حكم صلاتنا؟
مصيبتنا في هذا الوقت أن يفتي الإنسان بما لا يعلم، فيلزم عباد الله بما لم يلزمهم الله به، والمسافر لا ينقطع سفره إلا بوصوله إلى البلد حقيقة بأن يدخل البلد، ولهذا قصر علي بن أبي طالب رضي الله عنه في مرجعه من سفر وهو يرى الكوفة، والكوفة مقر سكناه -رضي الله عنه- كما نعلم نحن أنه قتل في الكوفة، فقصر وهو يرى الكوفة، فقيل له: يا أمير المؤمنين! هذه الكوفة، قال: إنا لم ندخلها بعد، أو كلمة نحوها، فالإنسان لو كان بينه وبين بلده مسافة عشرين متراً لكن لم يدخل البلد فله أن يترخص برخص السفر.
والذي أفتاكم وصيتي له عند طريقك أن تنصحه وتقول: يا أخي! لا تتسرع في الفتوى، الفتوى خطيرة؛ لأن الفتوى إخبار المرء عن الله بأن هذا حكم الله، ولهذا نعتبر الفتوى من أخطر ما يكون، والإنسان الورع يقول: لولا أني أرى أن الفتوى تلزمني ما أفتيت؛ لأن المسألة خطيرة وليست هينة، الفتوى ليست سلعة يتجر بها الإنسان أمام الناس حتى يروه ويعظموه، الفتوى خبرٌ عن الله بأن هذا شرعه، وهذه مسئولية كبيرة، ولهذا كان السلف الصالح رضي الله عنهم وألحقنا بهم، كانوا يتدافعون الفتوى، اذهب إلى فلان، اذهب إلى فلان، حتى تصل إلى الأول، كل هذا من التورع، فانصحه جزاك الله خيراً عني بألا يتسرع.
أما صلاتكم إياها أربعاً فأرجو ألا يكون في ذلك بأس؛ لأن الإتمام في مواضع القصر لا يبطل الصلاة.